في ذكرى الثورة والاستقلال
تتوالى المناسبات الثورية الجنوبية ( الأكتوبرية والنوفمبرية ) والتي نستقبلها كالعادة بزخم ثوري رائع يتناسب مع مكانة هذه الأعياد.
لقد استطاع ألأحرار الأبطال في 14 أكتوبر 1963 م من صنع أعظم إنجاز ثوري في تاريخ الجنوب والذي كلل بتحقيق معجزة الاستقلال العظيمة في 30 نوفمبر 1967 م.
وبرغم عظم هذين الحدثين الثوريين إلاّ أن زوايا هامة من تاريخهم لا تزال مجهولة ولم تكشف بعد.
وإني انتهز احتفالاتنا بأعياد الثورة الأكتوبرية والاستقلال النوفمبري لأدعو الجنوبيين لإعادة كتابة تاريخهم الثوري وهو التاريخ الذي ظلت جوانب كثيرة منه مجهولة أو مغلوطة لأسباب فكرية وسياسية مدعومة من النظام الشمولي الذي حكم المنطقة في الفترة ما بعد الاستقلال.
نحن اليوم أحوج ما نكون إلى إظهار الكثير من الحقائق الثورية الغائبة وإعادة الاعتبار للعديد من الشخصيات الوطنية المنسية أمثال الزعيم/ عبد القوي مكاوي والسلطان/ علي بن عبد الكريم العبدلي والسلطان/ أحمد بن عبد الله الفضلي والشيخ/ محمد أبو بكر بن فريد والرئيس/ قحطان الشعبي والمناضل/ فيصل عبد اللطيف الشعبي والمناضل سيف الضالعي وآخرين كثيرين.
هؤلاء زعماء تم وبشكل متعمد إخفاء دورهم النضالي والذي كان له أثره البارز في تحقيق الاستقلال وخروج المستعمر.
لقد تعرض الكثير من زعامات الجنوب للظلم والقهر خلال العقود السابقة وواجهوا العديد من التهم التي شككت في وطنيتهم ونزاهتهم ولقد آن الأوان لرفع هذا الظلم والقهر عنهم وإبراز مسيرتهم الثورية العظيمة.
إن إعادة الاعتبار لصانعي ثورة 14 أكتوبر الحقيقيين والمهندسين الفعليين للاستقلال المجيد هو واجب وطني مقدس تفرضه الحالة الثورية التي تعيشها المنطقة ويتلاءم مع أجواء الحرية التي خلقتها ثورات الربيع العربي.
إن ثورة عظيمة بحجم ثورة 14 أكتوبر لا يمكن بأي حال من الأحوال حصر صنعها في فصائل محددة أو أفراد معنيين بل هي حالة غليان شعبي عارم شملت الجنوب بأكمله من عدن حتى المهرة واشتركت جميع القوى السياسية والاجتماعية والفكرية في خلقها.
إننا لن نستطيع تحقيق مصالحة وطنية حقيقية ما لم نعيد لهذه القيادات العظيمة اعتبارها وما لم نعترف بمشوارها الوطني الفعال في تحقيق حرية واستقلال هذا الوطن.
فلتكن احتفالاتنا الحالية بذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة وأعياد الاستقلال الوطني العظيم فرصة للاعتراف بهذا المشوار الثوري ووسيلة لتحقيق هذه المصالحة الوطنية. ننا لن نستطيع العبور إلى المستقبل ما لم نعالج أخطاء الماضي ولن نستطيع تحقيق حالة من الوفاق الوطني ما لم نكرم جهد الآخرين ونحترم سيرتهم الثورية.
بعبارة أكثر وضوحاً نحن لن نستطيع صنع مستقبلنا ما لم نكتب ماضينا بشكله الصحيح.