هل كانت أكتوبر ثورة !
عندما لا يعرف اليمنيون وبالأخص الشباب الجنوبيون منهم أهداف ثورة 14 أكتوبر المجيدة ، فهذا يدل على خطأ جسيم في حق الوطن والتاريخ وتضحيات شهداء الجنوب ومن ورائهم كافة شعب الجنوب اليمني الذي وصفه الرئيس الأسبق سالمين طيب الله ثراه بأنه ( شعب عظيم انتزع استقلاله من أعظم إمبراطورية في العالم) في زياراته للأتحاد السوفيتي ، وثورة 14 أكتوبر التي تعد (من أعظم الثورات التحررية في العالم) كما جاء في خطاب الرئيس هادي عشية الذكرى 49 لهذه الثورة العظيمة ، فجهل شبابنا بأهداف أكتوبر يعد نجاحاً كبيراً لسياسات النظام السابق البربرية في طمس الهوية النضالية والتاريخية للجزء الأكبر والأغلى من الوطن (الجنوب الحبيب).
أمس وأنا أتابع نشاط الشباب على الفيس بوك عشية 14 أكتوبر ذكرى اندلاع ثورة الشعب اليمني في الجنوب لطرد المستعمر البريطاني من أرضنا الغالية ، لفت نظري منشور لأحد شباب الثورة من حضرموت ، يتحدث فيه عن أهداف ثورة 14 أكتوبر ما تحقق وما لم يتحقق منها ومدى التزام اليمنيين والجنوبيين منهم خصوصاً بالعمل على تحقيق تلك الأهداف ، منشور الحضرمي استعاض بأهداف ثورة 26 سبتمبر عن أهداف 14 أكتوبر.
المشهد خطير يتمثل في مدى توغل سياسات نظام المخلوع في محاولات طمس الهوية الجنوبية وحذف نضالات الجنوبيين من الذاكرة الجمعية للأجيال الوطنية المتعاقبة ، مثلما حذف دور الجنوبيين في تحقيق الوحدة وحتى صورهم من اللقطات التذكارية لرفع علم دولة الوحدة في عدن عام 90 ، وهكذا طمس المخلوع أهداف أكتوبر من ترويسة صحيفة 14 أكتوبر نفسها ومن المناهج الدراسية واستبدلها بأهداف سبتمبر أو صورته الشخصية ، فقط ليثبت نظرية لطالما رددها هو وأصحاب مشروعه (واحدية الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر) واختزال الفضل فيها لجهة معينة من اليمن واحقيته في الحكم ، وبغض النظر عن صحة أو خطأ هذا الوهم فإن ما يهمنا هو (واحدية المستقبل شمالاً وجنوباً) والذي لن يتحقق إلا باحترام نضال وتاريخ وإسهامات كل اليمنيين والحرص على تأكيد مشاركتهم في بناء الدولة وصنع القرار.
وبالعودة إلى الثائر الحضرمي وهو شاب في مقتبل العمر ومن العائلات العريقة في حضرموت وينتمي لأسرة مناضلة وفاعلة في عملية التحول التاريخي لليمن وحضرموت ، ومع هذا نجد هذا الشاب النقي يجهل الفرق بين أهداف سبتمبر وأكتوبر و ربما يجهل أهداف ثورة أكتوبر بالمرة ، فما الذي ننتظره من أي شاب آخر لا يملك في محيطه القريب من ناضل أو تعلم الأبجدية وأبسط مسائل الحساب.
لكن عزائي جيل الثورة الشبابية أنهم يحملون قيم ومبادئ الحرية والمواطنة والدولة المدنية تلك المبادئ والأهداف التي تجسد أهداف ومعتقدات شهداء ومناضلي الثورات اليمنية سبتمبر وأكتوبر دون أن ألغي اهتمامي بضرورة نشر وعي وثقافة تلك الثورات وعدم السماح بالنيل منها فكرياً أو ثقافياً أو حتى سياسياً وجهوياً ، فأشد ما أخشاه أن يأتي علينا مساء يتساءل فيه أحد شبابنا هل كانت هناك ثورة تسمى أكتوبر؟.. ليجيب عليه آخر لا بل كانت هناك سبتمبر وأكتوبر مجرد خطأ مطبعي فالفارق مجرد شهر!.