ثورة 14 أكتوبر مستمرة
في كل عام نسترجع ذكريات الاحتفالات بثورة 14 أكتوبر ونسترجع الخطابات والكلمات والمشاعر الوطنية التي تجيش مع ورود هذه الذكرى . في الحقيقة هي ليست حدثا من الماضي نتذكره لأنها ثورة مستمرة منذ انطلاقتها إلى يومنا هذا ، فقد قامت هذه الثورة المباركة ضد الطغيان لأن الشعب يريد العدل ، وضد الذل لأن الشعب يريد الكرامة ، قامت ضد الاستعمار لأن الشعب يريد الحرية وليس عنها بديل .
إن ثورة 14 اكتوبر أصلت في نفوس أبناء الجنوب حب الكرامة والتمرد على المعتدي وقد سار أبناء الجنوب وخاصة في عدن على درب التغيير وأحدثوا ثورة من نوع آخر بعد ثورتهم على المستعمر وطرده ، ثورة نحو العدالة الاجتماعية والتنمية والمساواة والانتصار للعمال والفلاحين والكادحين والمرأة والشباب . ولا أحد ينكر القيم العظيمة لثورة أكتوبر أنها أنتجت بيئة صالحة لقيام دولة وطنية خالية من مظاهر الطائفية والقبلية ومن العصبيات والجريمة ومن الفساد السياسي والإداري والمالي فكانت الدولة التي أنشأتها دولة قانون ومؤسسات لا دولة فرد ولا عائلة أو قبيلة ...وفرضت سيادة الدولة على الكل بحيث نستطيع القول أنه بالإمكان وفقا للمعطيات المتاحة قيام دولة مدنية حديثة إذا تم تجاوز السلبيات التي رافقت عملية التحول وتطويعها لصالح الوطن قبل أن تصبح سببا في انحداره ومن هذه السلبيات:
- عدم التداول السلمي للسلطة .
- عدم مرونة النظام في التعاطي مع المستجدات الدولية .
- سياسة الإقصاء لشركاء الثورة التي مارسها الفصيل المستحوذ على السلطة .
- الانغلاق عن العالم الخارجي .
- تغليب قيم غريبة عن المجتمع على قيم المجتمع الأصيلة .
وغيرها من الأسباب .
إنني عندما أقول أن الثورة مستمرة هي فعلا مستمرة ما دام أن الشعب ما زال يقاوم الظلم والإقصاء ، وما دام أن النزعات المتخلفة بدأت بالعودة من جديد كالنزعة القبلية والمناطقية والمذهبية ، وبدأت المظاهر السلبية التي قد تجاوزها المجتمع منذ فترة طويلة تعود من جديد مثل حمل السلاح والتباهي به ، وبدأ إحياء ثقافة الإقصاء والتهميش والتخوين من جديد ، بل أن هناك من المظاهر ما هي غريبة عن المجتمع كالشراهة في الاستحواذ سواء أكان استحواذ على الأراضي والمصالح أو استحواذ على العقول .
إن أي ثورة في أي مجتمع يصبح لها امتداد عبر الزمن ما دام أن أهدافها لم تستكمل ونستطيع القول أن ثورة أكتوبر امتدت إلى أن أصبح لها مدين متمثلين بالحراك السلمي الشعبي وبثورة التغيير الشعبية .فهل يعتبر هذا الجيل من نجاحات الماضي وإخفاقاته بحيث يتم التأكيد على القيم الجميلة العادلة وهدم السلبي ، والتعالي على رغبات الذات الأنانية وتقديم مصلحة الوطن ، ولا يظل الشعب بشبابه ونسائه ورجاله وقودا لتصفيات النفوس الطامعة .على أمل أن تدور الدائرة وتبدأ ثورة الأحفاد لتصحيح اخفاقاتنا .