دولة اليمنيين و صرخة الحوثيين
فيما تتجه آمال غالبية اليمنيين بعد الثورة لتحقيق الهدف الذي ثاروا لأجله وهو بناء الدولة اليمنية الحديثة، تسعى جماعة الحوثي لاستنبات دولة أخرى داخل الدولة التي يراد لها أن تنشأ على كافة تراب الوطن و في كل ربوعه، و على حساب أمن الناس و استقرارهم، و تحاول عناصر القاعدة إلحاق الضرر و الأذى ليس بالدولة القادمة و لكن في أي نقطة يمكن وصولها، و تبقى عصابة المخلوع التي تعمل جاهدة لنسف أي جهد لبناء دولة اليمنيين التي ظلوا ينتظرونها لما يناهز نصف قرن،
لا يبدو على الحوثي و جماعته ما يشير إلى أنهم معنيون بما آلت إليه الأوضاع في البلد ولا يهمهم إن كانوا بتصرفاتهم السيئة و المسيئة و الخارجة عن القانون و الأعراف و الآداب العامة يسعون للخراب و يؤسسون للفوضى التي لن تقف عند حد معين في حال اندلاعها، و في ممارساتهم الأخيرة ما يشي بخطورة مسلكهم و فداحة ما يمكن أي يوصلوا إليه البلد إن هم واصلوا أعمالهم التوسعية و محاولة السيطرة و بسط النفوذ بكل ما أوتوا من قوة، و باستغلال الأوضاع التي تعيشها اليمن و استنادا لما أمدهم النظام المخلوع من أسلحة و عتاد و دعم، و المؤكد أن بقايا العائلة التي اسقطت الثورة سلطتها و سطوتها لم يقرروا الاعتماد على الحوثي و مده بكل سبل الدعم و الإسناد إلا حين رأوا في هذه الجماعة ضالتهم، و من يشابه النظام الساقط أو يدانيه في إشعال الحرائق و الإقدام على الأعمال التي من شأنها إثارة الفتنة في مختلف المناطق و على شتى الجهات و الجبهات أكثر من الحوثي و جماعته و شعاره و صيحته،
استغلال جماعة الحوثي للدعم الذي يصلهم من هنا و هناك في إطالة أمد معاناة الناس و الحيلولة دون أن تباشر الدولة بسط نفوذها ليس في صالح البلد كما و ليس في صالح الحوثيين أنفسهم، لأن من يزرع الشوك لن يحصد العنب، و من يزرع ريح الفوضى سوف يجني عاصفة الخراب،
تتساوى مقدرة الحوثيين مع عناصر القاعدة في تعكير صفو المجتمع و تهديد أمنه و استقراره، و ذلك بفضل ما تحصل عليه الفئتان من دعم و تسهيلات، و في حين تدرك القاعدة خطورة ما يقترفه عناصرها من أفعال نجد الحوثيين يحاولون تصدر المشهد مصرين على اعتبار أن ما يقومون به من أعمال غير مشروعة و أفعال محرمة و مجرمة تندرج في إطار المهام المقدسة التي أوكلت إليهم باعتبارهم المخولين بتخليص البشرية من معاناتها و عذاباتها، ليس بأعمال راقية و خطاب سليم، و لكن بخطاب عدائي تحريضي يثير الفتنة و يحرض على الكراهية و يحث الأتباع و الموالين على اقتراف ممارسات من شأنها أن تسمم الأجواء بالعداوة و البغضاء و الضغائن، و هم حين يفعلون ذلك يعتقدون أنهم يحسنون صنعا، أليسوا يحاربون أمريكا و إسرائيل بلافتاتهم و شعاراتهم؟ حتى لو كان الضحايا يمنيين و مسلمين ينتمون لصعدة او حجة أو الجوف، المهم أنهم في شعارهم يرسلون الموت لأمريكا و نسخة أخرى منه تصل إسرائيل، و بعد ذلك ستجدهم يتباهون في إطلاق الصرخة و الصيحة التي يحتفلون بمرور السنوات عليها، و رأينا كيف احتفلوا بصراخهم بينما مرت عليهم ذكرى ثورة سبتمبر الخالدة في يوبيلها الذهبي بصمت، و كنا نتمنى أن يحترموا مشاعر اليمنيين كرعايا دولة صديقة أو جارة للحوثيين، فيجاملوهم بأي شيء في هذا العيد الوطني الذي تتبادل فيه الشعوب و الزعماء التهاني على اختلاف الرؤى و المواقف و اللغات و الأديان،
أمام اليمنيين فرصة بناء دولتهم التي هي ملك جميع الأطراف و القوى باعتباره حلم الجميع و هدفا ظلت أجيال منهم تقدم التضحيات تلو التضحيات من أجله وفي سبيل الوصول إليه.