مؤتمر الحراك السلمي
استطاعت غالبية القوى السلمية الحقيقة في الحراك الجنوبي الاندماج في إطار موحد ، بهدف الى الوصول بالقضية الجنوبية الى حل يلبي طموحات ابناء المحافظات الجنوبية ويحقق آمالهم ويعيد الاعتبار لأبناء هذه المحافظات ، بعد ما تم ممارسته في حقهم من ظلم واحتكار واستبداد وانتهاك للأرض والإنسان ، واغتصاب لمشروع الوحدة الوطنية الذي طمح أبناء الجنوب قبل غيرهم الى اهمية أن تكون هناك وحدة وطنية في إطار دولة موحدة تكون فاعلة إقليمياً ودولياً ، حيث كانت الخلفية الثقافية الأممية حاضرة في ذهنية الإنسان الجنوبي ومثلت اهم دوافع سعي ابناء الجنوب الى تحقيق الوحدة الوطنية .
تمكن هذا الإطار الذي ضم أغلب قوى الحراك الجنوبي السلمي ، من انعقاد أول مؤتمر له كخطوة مهمة للخروج برؤية موحدة ، حيث بدأت اعمال هذا المؤتمر يوم 29 سبتمبر ويستمر ثلاثة ايام ، بمشاركة معظم قوى الحراك السلمي أبرزها المجلس الأعلى للحراك الجنوبي ويرأسه حسن باعوم ،قابل ذلك تحريض مكثف من فصائل الحراك المسلح المدعومة من علي سالم البيض ، على انعقاد المؤتمر بهدف إفشاله ، وحاولت هذه الفصائل المسلحة إفشال المؤتمر الذي انعقد في ساحة الشهداء بالمنصورة عدن ، وتجمهرت مجاميع انفصالية مسلحة في محيط الساحة التي تكفلت القوى الأمنية بحماية المؤتمر ، وقد جدد الرئيس هادي اتهامة لإيران بدعم هذه الفصائل المسلحة داخل الحراك بالمال والسلاح ..
قوى الحراك السلمية أدركت مؤخراً خطر الدفع بمكونات الحراك للتعبير عن مطالبهم بالعنف على مستقبل القضية الجنوبية ذاتها ، واستطاعت دراسة الابعاد الحقيقة لحل القضية الجنوبية بالطرق السلمية الحضارية ، ودراسة الابعاد الأخرى على مستويات عامة ، أهمها البعد الإقليمي والدولي والذي كان له موقف واضح وصريح ترجمته المبادرة الخليجية وقراري مجلس الامن الدولي( 2014ــ2051 ) الذي أكد مجلس الأمن فيهما دعم المجتمع الدولي لوحدة اليمن .. ويتمثل بعد أخر بحالة الصراع المناطقي في إطار مكونات الجنوب ، حيث بدأت أثاره تظهر للواجهة بقوة وأصبح يهدد هو الأخر مستقبل القضية الجنوبية ، وقد شرع في تغذية الصراع الحاصل داخل مكونات الحراك الجنوبي وأفضى للصراع خطراً حقيقا قد يعيد بالجنوب الى فترات عنف سابقة ، كان قد عاشها الجنوب نتيجة لحضور البعد المناطقي في المكونات الجنوبية المختلفة ، وما زالت أثاره حاضرة حتى اليوم داخل خلافات الحراك الجنوبي وبقوة ..
هذه الأخطار بالإضافة الى ابعاد أخرى ، دفعت بقوى الحراك الجنوبي السلمي الى محاولة التوحد في إطار تكتل واحد ، يمتلك القدرة في الخروج برؤية موحدة لحل القضية الجنوبية ، تجنب مكونات الحراك أخطار الصراع المناطقي وإغراق الجنوب في حالة من العنف ، وهذا ما أدى الى انزعاج فصائل الحراك الجنوبي المسلح ، المدعومة اساساً من إيران ، وتسعى إيران بدعمها لمشاريع العنف بالجنوب ، الى استخدامها ورقة رابحة تساوم بها في سياق صراعاتها الإقليمية والدولية ، دون اي اهتمام منها بمستقبل القضية الجنوبية طبعاً ، وقد اشار الدكتور ياسين سعيد نعمان الى هذه الحالة ، في رده على سؤال المذيعة منتهى الرمحي عندما وجهت له سؤال عن مدى حقيقة وجود دعم إيراني لفصال مسلحة تتبع الحراك في الجنوب وجماعة الحوثي المسلحة في الشمال ، حيث أكد الدكتور ياسين وجود جماعات تدّعي المظلومية تستقوى بقوى خارجية في إشارة منه لإيران ..
محاولات إفشال مؤتمر الحراك الجنوبي السلمي بقيادة حسن باعوم وإلصاق تُهم الخيانة و العمالة يحق قيادات ألمؤتمر ، هدف اساسي ليس لعلي سالم وفصائل الحراك المسلح فحسب ، بل هدف إستراتيجي للقوى الرافضة للتغير ومشروع بناء الدولة الوطنية ايضاً ، بما فيها القوى التي تحاول إعاقة عملية التغيير وإجهاض المسار السياسي المتمثل بأنجاز ما نصت عليه المبادرة الخليجية وعرقلة مؤتمر الحوار الوطني المقررإنعقاده في نوفمبر القادم ، واتضح ذلك من خلال تبني رؤية إعلامية موحدة شملت وسائل إعلام فصائل الحراك الجنوبي المسلح وسائل إعلام عائلة صالح وجماعة الحوثي المسلحة وتحالفاتها ، وتستهدف وسائل الاعلام هذه ، قيادات قوى الحراك السلمي المشاركة في المؤتمر ، والتقليل من اهمية المؤتمر وما ينتج عنه ، وأصبح المناضل حسن باعوم " منشقاً " حسب ما نشرته صحيفة الشارع المقربه من عائلة صالح ، ووسائل إعلام أخرى محسوبة على الحراك المسلح وجماعة الحوثي المسلحة ، ويدخل كل ذلك في سياق خوف القوى المعيقة للتغيير من نجاح مؤتمر الحراك السلمي برئاسة حسن باعوم ، كونه يمثل إضافة مهمة للمسار السياسي العام ويساعد على نجاح التسوية السياسية ومؤتمر الحوار الوطني القادم دون إغراق البلاد في العنف ..