ياسين والدولة، المتوكل والتفكيك
يبدو أن موقف الدكتور المتوكل في تراجع مطرد عن بناء الدولة المدنية لصالح منطق بائد يتمثل في موقف مضاد لسابقه، يدعو لإحياء مكونات وبني لا تتناسب وبناء الدولة مطلقا!!.
أقصد أن المتوكل يزداد ضيقة كلما اقتربنا من وضع أسس الدولة المنشودة. ويمكن للمتابع أن يلمح ببساطة أعراض هذا الشعور الغريب الذي يكتنف الدكتور بدعوته الملحة لفض هذا التكتل التاريخي (المشترك) الذي مثل صخرة صلبة تحطمت عليها مساعي النظام البائد لوأد الثورة وجر البلاد إلى هاوية الاحتراب.
يزعم دكتورنا أن هذا الاصطفاف التاريخي قد أدى دوره وقطفت ثمرته ولم يعد لبقائه معنى سوى الدفع بحزب الإصلاح الذي يراه خصما مذهبيا للسيطرة على يمن ما بعد الثورة.
ليس هذا فحسب بل أن المتوكل عمد إلى نسج تحالفات خطرة كلها تنتمي إلى مرحلة ما قبل الدولة مثل انخراطه في صفوف التكتل القبلي الانتهازي الفرص والمعروف بـ(التكتل المدني) أو لقاءاته المؤسفة مع رأس الخصم الذي ثار عليه (المخلوع علي صالح).
لم يتوقف المتوكل عند هذا فقط وإنما صار ينحل الشخصية الوطنية المعروفة الدكتور ياسين سعيد نعمان ما لم يقله مستهدفا بهذا النحل قواعد الاشتراكي وقياداته الوسطية بإيهامهم أن بقاء الاشتراكي ضمن الاصطفاف الوطني يعرضه للتلاشي وأن الدكتور ياسين سعيد نعمان يدرك ذلك جيدا ويفضي به إليه بطريقة تعبر عن حجم الكارثة التي وقع حزبه ضحيتها وأن يا سين يسعى جاهدا للفكاك من هذا الشرك المتمثل بالمشترك ما استطاع إلى ذلك سبيلا..
ليس هذا فحسب بل أنه يذهب أبعد من ذلك وهو يزفر ضيقه بهذا التكتل _الذي يتوقف على نضاله إلى جانب قوى التغيير المختلفة بناء اليمن المنشود_ فيقسم اليمن إلى مجتمعين أحدهم رافض الدولة واللآخر يسعى لبنائها، الأول تمثله تعز ومختلف المناطق الوسطى والجنوبية بينما تمثل الثاني المرتفعات الشمالية ببعدها القبلي.
والنتيجة المرجوة عنده من وراء هذا التقسيم المضحك هو فصل الموقف الوطني المسنود جماهيريا في القسم الثاني عن القسم الأول _الذي ينشد نفس الأهداف ويرنو لنفس التطلع _ أملا في أن يخلق هذه الاصفافات(المتوكلي) حالة من التناحر والاحتراب المزمن في صف هذا التيار التاريخي الذي يشق طريقه نحو بناء الدولة وانتشال اليمن من براثن الفقر والتخلف والمرض. هذا الجو المفعم بمشاهد التقتيل والتجريح والتدمير سيوفر فرصة سانحة تغتصب القوى العرقية والطائفية والجهوية والفئوية السلطة من خلالها.
طالما تحدث الكثير عن المتوكل وهضمه المعرفة الإنسانية ونضاله المتفاني في سبيل بناء دولة الحرية والديمقراطية والمساواة, كيف تنازل المتوكل عن كل هذا وصار يدعوا إلى تحالفات آسنة وبنى مقيتة من بعيد نبت الربيع على دمنها ومكونات أثخنت اليمن مصائبا ومآسي؟ هل غلبت النزعة العرقية والطائفية المعرفة الإنسانية ؟ أم أنه قد رد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيء؟!
الدكتور ياسين سعيد نعمان الرافض كل الرفض السير في ركب الغوغاء والصاخبين ضاق بالمتوكل بالقدر الذي ضاق به الآخر من المشترك.
عندها خرج الدكتور ياسين عن صمته لافتا المتوكل بأن البقر قد تشابهت عليه وأن صمته تجاه نحله (تقويله ما لم يقله) قد أغراه.
أراد ياسين بهذا أن يقول للمتوكل يا صديقي (هامة وطنية بحجم ياسين لا يمكن أن تكون إلا في صف الشعب, لا يمكنها أن تضرب نضاله بمقتل, لا يمكنها أن تفعل إلا كلما من شانه أن يدفع بنضاله وتضحياته نحو ينوع الثمرة وقطفا ,مثل هكذا هامة لا يمكنها إن تنشد سوى السلام والحب والعدل, لا يمكنها أن تنشد إلا الدولة الراعية لا الجابية).
هل خرف المتوكل إذن؟؟ يبدو أنه قد خرف "يدل على هذا سرعة حزبه لإعفائه عن مهامه المناطة به حزبيا.
الحديث يطول..لكننا نأمل أن تكون هذه الخطوة التي قام بها حزب الاتحاد القوى الشعبية (إعفاء الدكتور) بادرة جادة لإعادة للملمة صف المشترك واستئصال الأورام من جسده وما ذلك إلا ليضطلع بدوره تجاه تطلعات الشعب اليمني الثائر على أكمل وجه..