علي أحمد باكثير: الأديب الحر في زمن الارتهان
منذ الدراسة الجامعية شُغفتُ بأدب الأديب اليمني الكبير علي أحمد باكثير فقرأتُ معظم انتاجه وقدمتُ بحثا مميزا بعنوان ( باكثير بين الاجحاف والانصاف) وقد أثنى حينها أستاذي الدكتور المصري على ذلك البحث أمام الزملاء وأشاد بأدب باكثير وبعبقريته ومن يومها زدتُ ارتباطا بأدب علي أحمد باكثير ، وزدتُ حبا لهذا الأديب الحر الملتزم في زمن الارتهان الثقافي وتسيد الأفكار الدخيلة على أمتنا ، لقد دفع باكثير كثيرا في سبيل حريته والتزامه الأدبي والقيمي حيث تم تهميشه ولم يطبع من انتاجه سوى القليل وكان المشهد الثقافي آنذاك يهيمن عليه اليساريون حين كان علي أحمد باكثير في مصر ، لقد مر علي أحمد باكثير بمراحل متنوعة أثرت حياته الإبداعية فقد ولد في أند ونيسا وعاش فترة من الزمن في حضرموت ثم عدن والحجاز واستقر أخيرا في مصر.
كان والده يرغب أن يكون شيخ علم لكن باكثير استهوى قلبه الأدب وعشقته روحه فدرس في جامعة فؤاد الأول – القاهرة – في قسم الأدب الانجليزي وترجم حينها روميو وجولييت ردا على أستاذه الغربي الذي ادعى أن العربية لا تستوعب الشعر الحر ثم أصدر باكثير بالشعر الحر أخناتون ونفرتيتي ، ولعل رائعته – واإسلاماه – قد أشهرته كثيرا حين أقرت لتكون ضمن مقررات المناهج الدراسية في مصر.
وبرغم انتاجه الغزير وتميزه وعبقريته الفذة ونيله بعض الجوائز وتمثيله مصر في عدد من المؤتمرات لكن يظل علي أحمد باكثير مهمشا قياسا على أدباء لايساونه بشيء.! لقد كتب عن فلسطين وكيد اليهود ووضع الحلول الناجعة لعدد من قضايا الأمة كما غاص في التاريخ ليكتب روايات تسقط رسائلها في الواقع اليوم فقد كتب الملحمة الاسلامية الكبرى ( عمر) في 18 جزءا وعندما ضيق عليه المتثيقفون المرتهنون للأيدولوجيات المستوردة كتب – حبل الغسيل – والثائر الأحمر، بل أكد الدكتور عبد العزيز المقالح في كتابه ( باكثير رائد التحديث في الشعر العربي المعاصر ) ريادة باكثير فيما عُرف مؤخرا بالشعر الحر لكننا لم نجد من يشر لهذا سوى القليل ، وهكذا يستمر التهميش لهذا العملاق حيا وميتا ، لكن العزاء في ذلك أن انتاجه الأصيل هو من يتحدث عنه مهما تقادم الزمن ، هناك جهود رائعة لعدد من الباحثين في تسليط الضوء على انتاج باكثير الأدبي منهم د. محمد أبو بكر حميد ود. البابكري ود. الحصيني وغيرهم ومع ذلك أرى أن تكون للدولة في اليمن والمؤسسات الثقافية والاعلامية والأدباء والمثقفين وقفات مهمة لتعريف العالم بهذا الأديب المتفرد ولابد من طباعة انتاجه ليكون في متناول الجميع ،
إن مما يوسف له أن تمر الذكرى ال45 لوفاة هذا العملاق في يوم10/11/2014م دون أن نسمع أو نشاهد احتفاء يليق بهذا الأديب الفذ الذي توفي في 10/11/ 1969م. رحم الله باكثير وغفر له.
ومضة :
فما انتظاركمُ والحقُ حقُكم
يُعدى عليه ليُعطى للملاعينِ
لاتطلبوا احتكاما في مجامعهم
بل استردوه قسرا في الميادين
لاتندبوني إني لم أمتْ ضرِعا
فإن علمتم عليَّ الذلَ فابكوني
وإن تريدوا لوجه الحق تكرمتي
فابغوا الشهادة للدنيا وللدين
فابن الوليدعلى اليرموك يرقبكم
وليث أيوب يرعاكم بحطينِ.
علي أحمد باكثير
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها