هل تلاشى المشروع الوطني في اليمن.؟!!
تتصارع القوى السياسية في الساحة اليمنية اليوم- في إطار الثورة المضادة- لا على بناء الدولة المستند إلى المشروع الوطني العام بل لتحقيق مصالح شخصية وآنية بعيدا عن هموم وقضايا الوطن.
ومن المؤكد أن الحامل الحقيقي للمشروع الوطني ليست قوى الثورة المضادة بل ثورة الشباب السلمية التي انطلقت مطلع 2011م والتي تجمعت كل قوى الثورة المضادة لمحاربتها بل لاستئصال شافتها رغم تباين تلك القوى فيما بينها فكريا، إن غياب المشروع الوطني أوتغييبه من قبل قوى الثورة المضادة يعد تغييبا للدولة وتشظيا للوطن، وغرسا للفتن وللحروب البينية المختلفة وبالتالي غياب وطن بأكمله.
ولعل يوم 21 سبتمبر من عام 2014م يوم سقوط صنعاء بيد مليشيات الحوثي المسلحة بمساعدة الرئيس السابق هو يوم يؤرخ لبدء احتضار مشروع الدولة المدنية في اليمن وتلاشي المشروع الوطني الجامع لكل قوى البلاد الفاعلة في الساحة وإن سموه زورا بثورة.!
هناك ثلاثة أطراف في الساحة اليوم تنخر في جسم الوطن وتعمل جاهدة على تدمير ما تبقى من وطن مكلوم وبدعاوى زائفة وهم. الرئيس هادي ومن معه ، فبرغم مساندة جماهير الشعب وثورة الشباب له وانتخابه كرئيس للبلاد في 2012م للمضي نحو بناء الدولة المدنية الحديثة، وبرغم المساندة الإقليمية والدولية له إلا أنه ظل مكبلا بمصالحه التي آثرها على الوطن وظل مقيدا بما يملى عليه فعادى الثورة والقبيلة والقوى السياسية الفاعلة وهو بهذا تحالف أو تعاون شاء أم أبى ضد المشروع الوطني مع القوى المضادة.
لكنه لن يحقق مآربه لأنه أضعف وأحرق نفسه بمواقفه المرتهنة والضعيفة وإن كان يعتقد أنه يقضي على قوى في طريقه كان يراها عائقا ليتسنى له إطالة أمد بقائه في السلطة.
وأما الطرف الثاني هو الرئيس السابق فقد جرد الرئيس الحالي من الجيش وصار هو الأقوى في الساحة ويخطط في أي لحظة لقلب الطاولة على هادي والعودة لسدة الحكم وليس بمقدور هادي مواجهته والانتصار عليه في الوقت الحالي لغياب التوازن . وكان تحرك صالح في تنسيقه مع الحوثي للثأر من ثورة الشباب وعلي محسن وآل الأحمر والاصلاح ومن عارضه وكل هذا لا يندرج في إطار مشروع وطني بل هو هوس في العودة لكرسي الحكم وجني المصالح والانتقام من معارضيه والانتصار لنفسه.
أما الطرف الثالث من القوة المضادة الثالثة هي حركة الحوثي والتي يكمن قوتها في أمرين المساندة لعسكرية واللوجستية لها من قبل الرئيس السابق ، وكذا المساندة الإيرانية . وما قامت به هذه الحركة وما تقوم به لا يدلل على إنه في إطار مشروع وطني بل يأتي في إطار مصالح والتطلع للحكم وتنفيذ أجندات إيرانية تضادد سياسات خليجية في اليمن. كما أن هناك بعض التوجهات في اليساريين والقوميين وغيرهما كانت تلك التوجهات مساندة للثورة المضادة من أجل ثأرات وتحقيق مصالح ليس لها علاقة بالمشروع الوطني، كما أن المبادرات المختلفة التي تمت لم تساند المشروع الوطني وإن بدا ذلك ظاهرا بل كانت تستهدف تقويض التغيير الحقيقي في اليمن.
وإذا كان المشهد السياسي اليمني اليوم معقدا ومتباينا ولايرجى حله فإن الحل الأمثل لإنقاذ المشروع الوطني – باعتقادي- هو أن يقوم ثوار ثورة فبراير 2011م بفعل ثوري كاسح يوعي الشعب ويشركه في إزاحة قوى الثورة المضادة وقوى الفساد من تصدر المشهد السياسي ويصنع التغيير الحقيقي في البلاد بعيدا عن أي رضوخ لمبادرات إقليمية ودولية ، وإن كان هذا سيتطلب المزيد من الجهد والمال والتضحيات لكنه هو الحل الأمثل في بلاد فقيرة موبوءة بالفتن والحروب و قرارها اليوم مرتهن للخارج وتقبع تحت سيف الوصاية في ظل قيادتها الضعيفة.
ومضة
أنت ياأرض السماحات التي
أنفقت أرواحنا بذلاً وجودا
إن رجفنا الساحات بنضالاتنا
أو عكفنا في المحاريب سجودا
لن يضيع الفجر من آفاقنا
فيكِ لن نرجع للّيلِ عبيدا..!!
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها