الدكتور محمد المتوكل داعية الحـرية والحقـوق !
رزئنا بفاجعة اغتيال الدكتور محمد عبدالملك المتوكل الذي اغتالته يد الغدر والإجرام في صنعاء يوم أمس الأحد 2 من نوفمبر 2014م، وهو المناضل الجسور وداعية الحرية والعدالة، وأبرز الناشطين الحقوقيين، التّواق لبناء دولة مدنية تطبق القانون وتحقق المساواة بين جميع مواطنيها؛ هكذا عرفنا الشهيد محمد المتوكل الذي قضى سنوات عمره السبعين في مهمة الدفاع عن الحرية، والدعوة للتعايش والتقريب بين المختلفين في اليمن وعلى مستوى العالم العربي، فهو أحد مؤسسي المؤتمر القومي الإسلامي الذي يتبنى? التقريب بين الإسلاميين والقوميين من أجل استعادة دور أمتنا العربية في عالم لا يحترم إلا الأقوياء..
كان رحمه الله صعب المراس يدافع عن رأيه بقوة ويقول ما لا يُعجب، لا يبالي أن يُغضب من يختلف معه مهما كان موقعه الرسمي أو الحزبي، ولذلك كثيراً ما كان يختلف مع محبيه، وقد يتفق مع مخالفيه لانحيازه الدائم للحرية والدفاع عن المظلومين وتبنيه لحقوق الناس جميعاً، وهذا ما جعله يقف مع حزب أو جهة أو جماعة، لكنه لا يتردد في الهجوم عليها إذا رأى أنها قد تحولت من مظلومة إلى ظالمة، ومن مستضعفة إلى مستبدة!!
أول معرفتي به كانت في القاهرة عام 1983م عندما دُعيت لحضور مناقشة رسالته للدكتوراه في جامعة القاهرة، والتي كانت عن الصحافة اليمنية من بداية القرن الماضي حتى عام 1970م، ثم اقتربت منه أكثر في اجتماعات اللقاء المشترك، وأثناء الانتخابات الرئاسية عام 2006م، يتسم بالهدوء والعقلانية، وكانت لديه العزيمة والإصرار للانتصار لقيم الحرية والعدالة وبناء الدولة، وكان كثيراً ما يتصل بي مبدياً إعجابه بما أقوله أو أكتبه من دعوات للوئام والتعايش وبناء الدولة العادلة الضامنة لحقوق جميع الناس، وأثناء أحداث دماج بصعدة كنت قد دعوت إلى استبدال القذائف والرصاص بالعنب والرمان، فاتصل بي معجباً بهذا الشعار ومبدياً تأييده لمثل هذا الطرح.
كان الدكتور المتوكل -رحمه الله- لا يقبل أن يسبح مع التيار، فرأيناه يتخذ المواقف التي يظهر فيها مخالفاً للمألوف انحيازاً للمبادئ التي ينادي بها، ولذلك تعرض لانتقادات كثيرة وانتقده ساسة وإعلاميون ولم يفتّ ذلك في عضده، فقد كان مقتنعاً بما يدعو إليه، حتى وإن اختلف مع أقرب الناس إليه.
في مسيرة حياة الدكتور محمد المتوكل رأينا البساطة واليسر والتواضع، فعلى الرغم من موقعه السياسي والأكاديمي فقد كان شعبي المظهر لا يحب الرسميات، ويستمتع بالسير على قدميه منفرداً؛ ما جعله هدفاً سهلاً للغدر والإجرام لأكثر من مرة!!
والدكتور محمد عبد الملك المتوكل في أسرته مثال للأب الحنون والعاطفة الجياشة، زرع في نفوس أفراد أسرته قيم الحرية والثقة، ورباهم على قيم الشجاعة واحترام الرأي المخالف، وقد رأينا بعضهم يخخالفه الرأي فلا يبتئس لذلك؛ بل ربما استمتع بهذا التعدد الذي يدعو إليه.
كتب الدكتور المتوكل وحاضر وشارك في ندوات ومؤتمرات ولقاءات من أجل بناء دولة عادلة وضامنة لحقوق جميع مواطنيها، وكان كثيراً ما يعززني باتصالاته الهاتفية، ويشجعني كلما التقينا تأييداً لدعوات بناء الدولة والتعايش بين أبناء الوطن والقبول بالآخر، وفي نفس الوقت كان لا يجاملني وينتقدني بشدة فيما يرى أني أخطأت فيه...
لقد خسرنا باستشهاد الدكتور المتوكل قامة سامقة وعلماً بارزاً، ومناضلاً كبيراً في وقت أحوج ما تكون اليمن له وأمثاله، وسيخلده التاريخ في أنصع صفحاته، ولا أمل عندي في كشف المجرمين الذين اغتالوه سواء من اللجنة التي شكلها رئيس الجمهورية، ولا اللجان الشعبية التي نشرتها جماعة الحوثي، فالأمن والاستقرار وتحقيق العدالة لن يتم إلا ببناء الدولة التي تطبق الدستور والقانون على الجميع؛ ونحن أبعد ما نكون عنها اليوم، وتظل ثقتنا بالعدالة الإلهية التي ستنصف للمظلوم من الظالم ولو بعد حين.
بالغ الأسى والتعازي الحارة لجميع أفراد أسرة الشهيد محمد عبد الملك المتوكل، ولحزب اتحاد القوى الشعبية، ولأحزاب اللقاء المشترك، ولجميع أبناء الشعب اليمني في هذا المصاب الجلل. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراق أستاذنا لمحزونون، إنا لله وإنا إليه راجعون.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها