الإرادة الحرة
(كل تقدم أخلاقي رهن باقتلاع الشر وغرس الخير، ولا يكون هذا بالثواب والعقاب، بل بالتشديد على مفهوم الواجب )الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط ، إن رقي المجتمع ونجاح الأوطان ، مرهون بالبناء الذاتي للذات ، والفرد يشكل الأرضية الصلبة لبناء المجتمع ، فإذا كان الفرد يسير على هدى المعرفة ونور العلم ،فإن صنع النجاح يصبح سهل المنال بالنسبة إليه ،نقش المبادئ وحفر القيم السامية في عقول الناس مهمة شاقة وحمل ثقيل "كل إناء بما فيه ينضح""الطبع غلب التطبع " إن كسر هذه الأقوال المأثورة هي مهمة مناهج المعرفة ،والمبادئ الفاضلة هي الصخرة الصماء التي تتكسرعليها معاول الشر ،وهي الأرض الخصبة التي تغرس عليها بذور الخير ،المبادئ الوضعية أثبتت فشلها وقصورها ومحدودية رؤيتها ،فلقد أغفلت الكثير من الجوانب الهامة ، وطغت بنظرتها الشمولية القاصرة ،فتحيزت لفئة دون أخرى وأوغلت في الإنتقائية والظلم ، وغابت عنها العدالة ،أما المبادئ الثيوقراطية القادمة من السماء ،فهي المبادئ التي يحتاجها الناس وفيها يكمن الحل لكل مشكلة والجواب لكل سؤال ،ولست هنا بصدد التسويق لمبادئ أكبر من أن تسوق ،فهي حاضرة في الذهن العام ومن ينفيها أو يختزلها وفق محصلته فقد زاغ وأخطأ ، وقطعا لانرغب أن نكون كمن يحمل الماء على ظهره وهولا يدري ويهيم على وجهه عطشا باحثا عن الماء ،فالتذمر على كل لسان والشكوى حديث كل مجلس ،والمشاكل تحيط بنا من كل حدب وصوب ، ومعدلات الفقروالبطالة والسقوط الأخلاقي في مجتمعاتنا الإسلامية تزيد يوما بعد أخر،سياسة الثواب والعقاب ، وتطبيق القانون من عدمه ،لن يبني أمة ولن يغرس الخير أو يقتلع الشر ،فالفاسد يمارس فساده من خلال القانون وثغراته ، والنخبة الفاسدة لا تصل إليها يد القانون ، فظهرها يحميه القانون نفسه الذي تفصله كما تشاء ،إذن ماهو الحل ؟ وكيف الخلاص ؟الحل أن نمد أيدينا إلي الماء الذي نحمله على ظهورنا ونروي ضمأنا ،وهذا الماء هو دين الإسلام ،ولكى نفعل ذلك ،نحتاج إلي إرادة حرة ، وضمائر واعية ،تستبين الحق ولا يقوى الباطل على التدليس عليها أو التغرير بها تحت دعاوي الحداثة ومسميات العلمانية ،إن مشاكلنا المزمنة والمعاصرة تحتاج إلي إرادة حرة وقوية لحلها من كل فرد داخل المجتمع ، هذه الإرادة هي إرادة المبادئ الفاضلة العصية على كل المغريات والإطماع والتي يحركها حب الوطن وتقودها إرادة السماء ،إن التغيير إلي الأفضل لن يقوم به أفراد بعينهم أو جماعة معينة أو نخبة مختارة ،تغيير واقع مجتمعنا المثخن بالمشاكل والتناقضات مسؤولية كل فرد ، وعلى كل فرد في المجتمع أن يكون مسلحا بالمعرفة الحقيقية ومتقلدا سيف الحق الذي لا يفل ،فالزمن يسير قدما إلي الأمام ولا يرجع إلي الخلف أبدا .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها