الحياد الموتور ...
البيان الصادر مساء أمس الخميس، عن اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام، والمتضمن موقف المؤتمر من التطورات الجارية على الساحة الوطنية، أظهر إلى أي مدى، يُمعن الجناح الموتور في هذا التنظيم الهلامي في استفزاز مشاعر اليمنيين.
لم يتضمن البيان ما يشير إلى تأييده لمبادرة لجنة الإجماع الوطني الرئاسية، بشأن حل الأزمة الراهنة، وهي اللجنة التي يرأسها رئيس الهيئة الوزارية للمؤتمر، وأمينه العام المساعد الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وتضم في عضويتها أمين عام مساعد آخر هو سلطان البركاني، رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر.
وعوضاً عن ذلك، بدا جناح الزعيم في هذا البيان، متمسكاً بمبادرته، في تماثل يثير الاشمئزاز مع مواقف الجماعة الحوثية المسلحة، الحليف الوثيق لهذا التيار الموتور والمتشدد في المؤتمر الشعبي العام.
ولا شيئ يبعث على القرف أكثر من تكرار الادعاءات في بيان اللجنة العامة، بشأن وقوف المؤتمر على مسافة واحدة من الأطراف المتصارعة، في تعريض مباشر برئاسة الدولة التي يتولاها مؤتمري، وبالحكومة التي يشغل نصف مقاعدها. كيف يتمادى هذا الجناح المتشدد الذي يصادر المؤتمر الشعبي العام، في تبني مواقف فاضحة كهذه؟ كيف يجرؤ على استغفال أعضائه قبل اليمنيين بهذه الصورة الفجة؟!
ويا ليته سكت، ولكنه في هذا الظرف الحالك، يصرف جزءاً من بيانه، للخوض في مسألة إقصاء الكوادر في الجهاز الإداري، في تأليب مفضوح للمشاعر والعواطف وإظهار أن المؤتمر الشعبي العام مستهدف من قبل الحكومة التي يستأثر بنصف مقاعدها!.
في هذا البيان تأكيدٌ جازمٌ على أن مواقف المؤتمر لا تقررها إلاّ اللجنة العامة، وهذا يعني أن عدم تضمين البيان تأييد المؤتمر الشعبي العام لمبادرة لجنة الإجماع الوطني الرئاسية وبالإجراءات التي نفذها الرئيس عبد ربه منصور هادي بناء على هذه المبادرة، إشارة واضحة على رفضه لهذه الإجراءات التي تعبر عن روح وفاقية، وتأخذ بعين الاعتبار مطالب الأطراف السياسية، وتقدم تنازلات من أجل الوطن.
وفي الوقت نفسه، أطلق الشيخ سلطان البركاني، الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب، تصريحات استثنائية، عبر قناة آزال وأعاد موقع (المؤتمر نت) نشرها مساء أمس الخميس، أعلن فيها البركاني تأييد المؤتمر الشعبي العام للمبادرة وللإجراءات الرئاسية، بل ووجه أقسى انتقادات من قيادي مؤتمري بهذا المستوى للحوثيين، وللتحشيد المسلح، في العاصمة ومحيطها، ولمحاصرتهم صنعاء.
لا أشك في نوايا البركاني، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل هذا القدر من المراوغة وخلط الأوراق والنفاق السياسي وتصدير المواقف المتناقضة التي تُقرأ من جميع الجهات ومن جميع الأطراف بأساليب مختلفة.
وأعتقد أن هذا السلوك يجعل أي متابع حصيف يستنتج أن جناح الزعيم في المؤتمر الشعبي العام، ضالعٌ حتى النخاع في الثورة المضادة، التي تستهدف إسقاط النظام الانتقالي، وفي هذا التّحشيد المسلح وذي الطابع المناطقي والمذهبي، الذي يُنذر بشقوق اجتماعية طويلة الأمد في بينان الوحدة الوطنية، كان اليمنيون قد بذلوا في مؤتمر الحوار الوطني، جهوداً مضنية لترميمها، بعد أن تعرضت لأكبر تصدع في حرب صيف 94م، التي حركتها نوازع الاستئثار بالسلطة، وقادها عفاش، وعمد في موازاتها إلى استثارة مخاوف اليمنيين على الوحدة، وبذل جهداً مضنياً لشيطنة شريكه السياسي آنذاك: الحزب الاشتراكي اليمني.
حفظ الله اليمن من كل سوء ومكروه..
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها