رئيس يعرف أوكار الثعابين !
إذا كان صالح قد سلم السلطة- راضيا كما يقول، فما الذي منعه كل هذه الفترة من تسليم إدارة مسجد؟
و إذا كان الحزب الذي يرأسه صالح يمسك بمقاليد السلطة بأكثر من خمسين بالمائة في مجلس الوزراء و أكثر من 80 بالمائة من مقاليد السلطات و الأجهزة المحلية و الوزارات و المؤسسات و المحافظات فما الذي يجعله مع نفر من المأجورين يعملون جاهدين لإفشال الانتقال السياسي و تعطيل المرحلة الانتقالية و إسقاط الحكومة و التحريض على الرئاسة؟
إن كان صالح شريكا في سلطات اليوم لماذا يتبنى خطابا تحريضيا ناقما و داعيا للعنف؟
ما الذي يدفع صالح لتمويل حملات تحريض ترفع صوره كما لو كان هو زعيما ثوريا من الطراز الأول،
كل ذلك يشير و يؤكد أن صالح لا يزال يحلم بالعودة إلى كرسي الرئاسة محمولا على ظهور المحتجين من بلاطجته الذين فقدوا مصالحهم غير المشروعة فخرجوا ينعقون "سلام الله على عفاش"،
مع أنه يدرك أكثر من غيره أن اليمن لم تكن في سنوات حكمه الـ33 أحسن حالا من الصومال و أفغانستان، خدماتها لا تتجاوز 20 بالمائة و الفقر يتجاوز الخمسين بالمائة بينما البطالة تفتك بستين بالمائة من اليمنيين.
اعتقد صالح و معه زبانيته و مرتادي منزله أن انقطاع الكهرباء و انعدام الديزل لا يعني إلا أن ساعة عودته للحكم قد حانت، و ما عليه إلا إشعال مزيد من الإطارات و توزيع ما أمكن توزيعه من مال و سلاح على البلاطجة من حوله، و بهذا يضمن العودة سالما غانما.
الرئيس هادي يحاصر الأفعى
منذ الأربعاء الماضي يخوض الرئيس هادي مواجهات نوعية مع أهم أوكار الرئيس المخلوع/ علي صالح، و هي المعركة الأكثر أهمية في سلسلة المهام الملقاة على عاتق الرئيس الذي قبل التحدي في إدارة المرحلة الانتقالية و نقل السلطة.
لا يمكن الجزم متى قرر الرئيس هادي أن يقطع دابر الفتنة و العرقلة التي تولاها صالح و كبار مساعديه و أقاربه، لأن بقاءه مستندا على حصانة شاملة ثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه صب كل جهده في عرقلة المسار السياسي الديمقراطي، و إن باستخدام أوراق بالغة الحساسية كالنفط و الكهرباء و الأمن.
اشتدت وطأة الاحتجاج يوم الأربعاء إثر تناقص كمية الديزل في عدد من المحافظات و انقطاع الكهرباء، و خرج المحتجون للشوارع غاضبين و مطالبين بتوفير الخدمات الضرورية لتجد عصابة صالح في هذه الأجواء فرصتها في التصعيد و توجيه السخط الشعبي التلقائي صوب أعلى أجهزة السلطة و الحكومة،
و هو ما يعني في نظرهم أن خطتهم لإسقاط الشراكة القائمة في السلطة صار مسألة وقت لا أكثر.
في أوكار صالح
بدأ صالح يتابع تصاعد الاحتجاجات المتنامية بكثير من الارتياح و الشماتة في انتظار ساعة الصفر، لكنه لم يكن يتوقع أن وكره الذي يعمل تحت لافتة قناة فضائية "اليمن اليوم" أصبح هو الهدف رقم "1"، لجنود الحماية الرئاسية الذين داهموه و أوقفوا أعماله المشبوهة، و صادروا منه ما يكفي من الأدلة و البراهين على أن صالح ومخبريه ضالعون في مؤامرة خسيسة و عمل دنيء، لم تكن ممارسات صالح و هو في السلطة تقل عنها دناءة، و مع أن اقتحام القناة و إيقاف بثها أثار اضطرابا في بعض المواقف خاصة فيما يتعلق منها بالجانب الحقوقي و حرية الرأي و الإعلام، بيد أن أداءها غير المهني فضلا عن تسخيرها لأعمال لا صلة لها بالإعلام لم يكن مثيرا للتضامن أو التعاطف، و بعض من فعلوه بدوا مدفوعين بتسجيل المواقف ليس إلا.
كانت هذه الخطوة متزامنة مع الإعلان الرئاسي عن تعديلات حكومية شملت نائبي رئيس الحكومة و خمس وزارات و مكتب رئاسة الجمهورية بالإضافة لسفراء و محافظين.
و أيا تكن مبررات التعديل و علاقتها بالاحتجاجات فالملاحظ أن الأخيرة هدأت و رأت في تغيير أهم وزارتين تتعلقان بدوافع الاحتجاج (النفط و الكهرباء) مبررا كافيا للتهدئة و انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع بعد التغيير الحكومي،
و حين انصرف المحتجون إلى منازلهم، خاصة الذين خرجوا بعفوية بحثا عن ما فقدوه من خدمات، كان جنود الحماية الرئاسية يعملون على تقطيع حبال صالح الصوتية، و تتوالى التصريحات من داخل المؤتمر الشعبي و خارجه تدين انحراف القناة و تسخيرها لأغراض و مصالح شخصية لا صلة لها بالمؤتمر الذي أصبح أمينه العام رئيسا للجمهورية و عشرات من قيادته يتولون أرفع المناصب متمتعين بحصانة من أي ملاحقة قضائية.
أدرك المخلوع و بعض مساعديه أن أجهزة الأمن و الحكومة قررت أن تضع حدا لمسلسل "صالح و الأربعين مخرب"، و أن ما كان يخطط له بات مكشوفا للجميع، و أعقبه ظهور محمد الشايف أحد أقطاب صالح مذعورا من الإجراءات الأمنية التي جاء الإشراف عليها و توجيهها مستندا لتوجيهات عليا و رئاسية، و كانت قناته "أزال" عرضة لإجراء مماثل، و لا تزال في انتظار ما جرى لشقيقتها.
أسلحة الجامع.. محاصرة
بينما كانت خلايا صالح النائمة و المستيقظة تتابع أنباء اقتحام قناتهم و تتوعد بإعادتها توجهت حملة عسكرية نوعية إلى مبنى الجامع الذي أسماه صالح باسمه، و بدأت أخبار المناوشات و المواجهات و المفاوضات تتناوب على المتابعين،
قالت المصادر الرسمية في الحملة أن بداخل أسوار الجامع مواد و معدات و محرزات لا صلة لها بالصلاة و العبادة، و هو ما أثار نتباه المواطنين المتابعين لما يجري بكثير من الدهشة و الذهول و كذلك كثير من التأييد للخطوة التي يتضح جديتها في نقل السلطة ممن اختطفها ثلث قرن من الزمان،
و من جديد كانت ابواق صالح تطل متباكية على الجامع الذي يهاجم من جنود الرئاسة، بينما التصريح الرئاسي ظل يتصدر واجهات الصحف و المواقع الإخبارية ليس في اليمن فقط و لكن على مستوى الصحافة العربية و الدولية "عكاظ و القدس العربي و الخليج و غيرها".
و من مجمل تصريحات لها صلة بالجامع و الجهة التي رفضت تسليمه يبدو أن الرئيس هادي لم يوجه صوبه حملة عسكرية لاقتحامه، و بناء على مجرد تخمينات، و لكنها معلومات صارت في حكم المؤكدة، تتعلق بتخزين أسلحة و استخدام بعض مرافق الجامع لأغراض شخصية و إلحاق الضرر بالمنشئات الرئاسية القريبة و منها دار الرئاسة.
ماذا بعد؟
يلاحظ أن اقتحام قناة صالح و محاصرة مسجده جاءت بعد ساعات من تصريحات قوية للرئيس هادي اشار فيها إلى أن الدولة ستستعيد الأسلحة المنهوبة.
و أيا تكن الخطوة التي سيقدم عليها الرئيس هادي في سياق تجريد الأفعى من السموم القاتلة التي تهدد بها سكينة المجتمع و تخرب خدماته، فإن المؤكد أن صالح و عائلته أبقوا على كميات كبيرة من الأسلحة لاستخدامها في تفجير الأوضاع و تأجيج الصراعات و شن الحروب، و قد كشفت صحيفة عكاظ السعودية عن معلومات أثبتت حصول الميليشيات الحوثية في شمال البلاد على جزء من الأسلحة التي كانت في عهدة الحرس الجمهوري الذي كان يقوده نجل الرئيس المخلوع،
و كان وزير الدفاع قال في احتفال عسكري إن 90 بالمائة من الأسلحة التي كانت عهدة لم تسلم للدولة، و الأمر نفسه أكده الرئيس هادي حين خاطب اللجنة الأمنية العليا بخصوص الأسلحة التي لا تزال لدى أشخاص معروفين.
خبراء و محللون في الشئون العسكرية يشيرون إلى أن غالبية من كانوا يتولون قيادة المناطق و الألوية العسكرية من المقربين لصالح لم يسلموا العهد التي عليهم للدولة، و بعضهم قام بنقلها إلى مزارع و أودية تابعة للعائلة في أرياف سنحان، و هي المناطق التي لا تزال الدولة بعيدة عنها.
الخبير العسكري صالح الأصبحي (عميد متقاعد)، قال إن "عدداً من قادة الألوية العسكرية الذين لهم ارتباط بالنظام السابق (نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح) لم يسلموا ما في عهدهم من الذخائر والأسلحة والمعدات العسكرية، خلال فترة الاستلام والتسليم التي جرت في عامي 2011 و2012 بعد قرارات هيكلة الجيش".
و أضاف إن "مناطق محيطة بصنعاء، بينها مناطق سنحان وبني مطر ومعسكر ريمة حميد الذي كان تابعاً للقوات الخاصة، لازالت مليئة بالأسلحة التي استحوذ عليها قادة الألوية ولم يسلموها للدولة.. هذه المناطق لم تصل إليها الدولة حتى الآن، وكل المشاكل تنطلق منها".
بدا الرئيس من خلال حديثه مع اللجنة الأمنية مصرا على استعادة ممتلكات الدولة و في مقدمتها الأسلحة التي ستذهب دون شك للميليشيات الخارجة عن النظام و القانون من أجل إثارة المشاكل و افتعال الأزمات و تهديد الأمن و الاستقرار.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها