متى تكون السياسة في خدمة الوطن؟
لعل التوازن الذي تعيشه الدول المتقدمة البعيدة عنا ناتج عن قدرتها على جعل السياسة موجهة توجيها مباشرا لخدمة القضايا التي تهم شعوبها وأوطانها وتضمن لها النماء والرقي .. ولعل المأزق الذي وقعت فيه الدول العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص هو توجيه الوطن وقضاياه الهامة والعالقة لخدمة السياسة وليس العكس وبالتالي عشنا ومازلنا ندور في حلقة صراعات نارية أكلت كل مقومات البناء والازدهار التي يُفترض أن يضمنها الجميع للوطن وبالأخص جميع الفصائل السياسية . لاشك أن أوجاع الوطن شمالا وجنوبا شرقا وغربا كثيرة وخطيرة جدا وأدت إلى أن يوجّه الاهتمام لإدارة الصراع بين الفصائل السياسية وتمحورها حول من يصرع مَنْ, ومَنْ يقضي على مَنْ, ومَنْ يفتك مَنْ, وأُهملتْ كل القضايا الأخرى التي من شأنها ضمان الاستقرار النفسي والأمن الروحي للمواطن اليمني المُحْبَط الذي يعيش حالات من الصراع النفسي بين واقع يسحبه إلى مزيدٍ من البؤس واليأس وبين ذعره من أحداث دامية تحدث في أرجاء اليمن .. وهنا يبرز سؤال هام هو: متى سيكون الوقت متاحا كي تنصرف كل الاهتمامات للقضايا المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي من شأنها ضمان الاستقرار لكل البسطاء خصوصا ولليمن عموما؟ وبمعنى آخر متى تُسَخّر السياسة لخدمة الوطن وليس العكس؟. سؤال يُفترض على كل الفرقاء السياسيين أن يجيبوا عليه وخصوصا بعد أن تحولوا إلى غُرف عمليات لإدارة وإذكاء الصراعات فقط وتركوا ما ينفع الوطن والمواطن جانبا وعلى رفوف اللامبالاة والعناد السياسي المُدَمّر وأصبح هناك فجوة سحيقة وهوة قاتلة بين ما يُدار في الغرف المظلمة وبين الواقع المزري الذي سحق المواطن الكادح تحت رحاه. ومازالت هذه الهوة تتسع وتتفاقم يوما بعد آخر بحيث صار الكلام في جهة والأداء ركيك ويسير في اتجاه آخر أدى إلى نفاذ المشككين في إمكانية الوصول إلى مخارج مضيئة ننفذ منها إلى أقطار النجاة,مخارج مُشرّفة لكل قضايانا العالقة والمؤجّلة وتحظىى بقبول شعبي يعيد لنا الاستقرار والطمأنينة تدعمه وتنفذه الحكومة على أرض الواقع . على الحكومة أن تدرك أن هناك ملفات أنين كثيرة وآلام ومواجع أكثر تهم الوطن والمواطن كالجوع والفقر والبطالة والأمن والصحة والتعليم والعدالة وحقوق الإنسان وغيرها ,, وعليها أيضا أن تدرك أنها إن ظلت على تغافلها وتهميشها لكل هذه القضايا الخطيرة مقابل تمحورها حول صراعات الساسة فسوف تفاقم من حجم المخاطر المحدقة على الحاضر والمستقبل وستشكل وطنا يسير على نعوش أبناءه ومحمول على أضرحة المقابر وسيكون ثمن التغلب على كل هذا فادحا بعد أن يتحول الوطن إلى وطن للجوعي المقهورين والعاطلين عن الأمل في وطن عاطل عن الحياة.. والله من وراء القصد .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها