الطابع الخاص للربيع اليمني
القبض على جمرة الاستحقاق السلمي الرشيد سياق جبري في المعادلة السياسية القائمة أساساً على التوافق الحكيم، ابتعاداً عن الخيارات الأخرى الأسوأ، وقد أثبت اليمانيون أنهم أهل حكمة ونظر، فلولا التوافق الداخلي ما كان للمبادرة الخليجية والتسييج الدولي الرائع أن يحسما الأمر كما حُسم.
لقد أثبتنا أننا صادرون عن ذات تاريخية وسياسية قادرة على تجاوز أعتى العقبات، وتحويل المُلمات إلى سبب للإبحار صوب المستقبل، وهذا ما يغبطنا عليه كثيرون من الأشقاء العرب الواقعون حتى اللحظة في لجّة الفوضى غير البنّاءة.
عندما نتحدّث عن عتبات التسوية السياسية؛ فعلينا استيعاب أن هذه العتبات ليست مصفوفة “كرونولوجية” تسلسلية اعتيادية، ولكنها عبارة عن محطات إشكالية بكل ما في الكلمة من معنى، ومن هنا لابد أن نستوعب معنى العُسر في التطبيق والقابلية لتحقيق الكثير من المنجزات على قاعدة الصبر والتحمُّل والتدرُّج.
وفي تقديري الشخصي أننا استطعنا الإبحار صوب مناطق جديدة تخلق قيماً جديدة بالرغم من بقاء الماضي في جوهر ملامحه التي لن تخبو أو تزول بين عشية وضحاها. المشهد هنا أشبه ما يكون بالسير على درب مليء بالأشجار الشوكية والموانع الطبيعية، لكنه ليس مستحيل الارتياد، وعلينا جميعاً أن نمهّد الطريق للسفر في هذا الدرب؛ ذلك هو التاريخ، وتلك هي نواميسه الموضوعية التي لا مفرّ من التعامل معها بكل واقعية واستيعاب كاملين للمقتضيات والضرورات.
المُنجز اليمني في زمن الربيع العربي عصف بالصورة الذهنية النمطية عن اليمن في المشهدين العربي والإنساني، فقد كان الجميع على يقين افتراضي أننا سنكون أسوأ تجربة تراجيدية في زمن الربيع العربي؛ لكنهم وجدوا عكس ذلك، وكانت ساحات التغيير اليمنية شاهداً عظيماً على التضامن والوحدة والتضافر، وكانت الملحمة الشعبية المُموْسقة بإرادة التغيير تعبيراً عن توق عظيم لمستقبل ألفي فاضل.
لقد تغيّرت تلك الصورة النمطية الظالمة بين عشية وضحاها، وأنا شخصياً شاهد حال على هذه الحقيقة من خلال تواجدي المهجري وعلاقاتي الواسعة بالذاكرتين العربية والإنسانية.
الربيع اليمني اكتسى طابعاً خاصاً، وقال للقاصي والداني إننا أهل حكمة ونظر ورويَّة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها