سرحـان..!!
يجد نفسه وحيدا" على كومة أحجار لمنزل هدته قذيفة مدفعيه يفتش في معطفة عن نصف سيجارة أشعل نصفها فيما سبق على عجل وأطفئها خلسة من أحدهم بين أصابعه ثم دسها في معطفة لتصارع رائحتها بقايا لريحة عطر بخه من قنينة عطر يتيمة في خزانته ،
أشعل نصف اللفافة لتشتعل معها أكوام من الخيالات والأفكار في رأسة ليسرح بها حيث تقف أحلامة على قارعة الوطن ،
الوطن في خياله الوحش الفتاك والذي بصراعاتة التي لم تنتهي يلتهم كل أحلامة ، كان يحلم كأي أحد أبناء أولئك المتنفذين او الذين يقفون في أعلى هرم الدولة في الحصول على منحة للدراسة في خارج الوطن بمكان يستطيع توفير له وقت آمن للدراسة بعيدا" عن تلك الأشياء التي تشغل تفكيره كالمصروف وايجار السكن وقيمة الكتب والرصاص الطائش وإعلان حالات الطوارئ المباغتة ..
إنتهت نصف اللفافة التي اشعلها ثم القاها إلى وسط الركام بجانب قذيفة مدفعيه لم تنفجر بعد ومن غير أن يعبأ بها أخذ يجول بنظره حول الكثير من البيوت التي تهدمت وبعضها مازالت صامدة بجدار ونصف أسدل ساكنيها ستارا" لتغطية نصفها الآخر ، يقول في نفسه لأن ارهابيا" مر من هنا أحدثوا هذا الدمار وهل حقا" مر إرهابيا" من هنا ..؟!
لا أحد يعرف كل مافي الأمر أنهم أنذرونا للهرب وترك ديارنا ثم عدنا لنراها كما هي الآن بعض البيوت أضحت خراب عين وبعضها بنصف جدار ،
مازال يلعن في سره كل شيء الحكومة ،، الجنود ،، الإرهابيين ،، الوطن ،، وبمافي ذلك عيد الوحدة ؛
ويقول في نفسة أي وطن هذا الذي يستطيع إحضار كل أسلحة الموت إلى قرانا النائية لمطاردة الإرهاب بينما لا يستطيع إحضار لفافة تبغ ننفث بدخانها الإرهاب المتواجد في صدورنا ،
وأي جيوش هذه التي تتفنن بتدمير قرانا بدل أن تحمينا ..
هل هي حقا" تحمينا من الإرهاب حينما تتركنا مشردين دون مأوى أم تجبرنا على التحول إلى إرهابيين ..؟
كان بسرحانه يخوض معركة من التساؤلات فجأة يأتيه صوت غائر قادم من أعماقه يقول له كم بمقدورك أن تعيش في وطن الموت هذا ،؟!
لايعرف كيف سقط عليه هذا الصوت الذي أرتطم بحدة السوط على جسده النحيل فوق كومة الخرابة تلك ،
كم بمقدورك أن تعيش في هذا العالم القاسي ؟
سقط علية كطست من الماء البارد ليخرجه من سرحانه نظر يمينه ويساره لم يكن هناك أحد الجميع ذهب يلهث خلف سراب التعويضات التي تعدهم بها الدولة التي لا تملك غير الوعود وهذا ماتملكه دوله واقعة بين فكي رجال العصابات وتجار السياسة ..
وعود على أوراق في ملفات تشغلك بالركض خلفها باقي حياتك ..
وجد نفسه واقفا" ولهنيهه قال بكل صمته :
وهل منحتنا هذه الأرض حياة تليق بالحياة كي نعرف كم بقي لنا منها ؛ نحن هنا نعيش خارج الحياة خارج أعمارنا معرضين للموت كقطيع نعاج في غابة للذئاب الجائعة ،!
يشق صمته الصاخب صوت آخر قادم من أعماقه يقول:
" محزن أن كل السنين التي مرت على تضاريسك كالضباب ومحزن أكثر أن تمر باقي سنينك بنفس الطريقة ، وكأنك لم تخلق في هذا العالم الذي يتفنن في التهام الوقت بكل ماهو مبهر وجميل ،
حتى أحلامك لم تتعدى حلم منحة دراسية توفر لك مصاريف الدراسة الذي سرقه منهم اقوى منك ،
أخذ يزفر أنفاسه بحرارة منتصبا" بأقدامه فوق كومة الحجارة تلك وقال لن أنتظر هذه الأرض ولا هؤلاء العسكر كي يمنحوني حق الحياة أو الموت ثم إنحنى بكامل جسده على القذيفة الملقية بين الركام وأخذ يدق عليها بين حجرتين حتى إنفجرت به ليرتد جسده بقايا صدى لسرحان عميق مع كل تلك الأصوات المتواجدة داخله ..!
15/5/2014
.................
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها