اليمن.. الهاجس الأمني للغرب
واحدة من أكبر إشكاليات التعامل الغربي مع اليمن أنه لا يراها إلا مشكلة أمنية تهدّد مصالحه في المنطقة العربية والشرق الأوسط؛ ولو لم تكن اليمن في هذا الموقع الاستراتيجي المطل على بحر ومحيط، والمسيطر على مضيق باب المندب الذي يمر منه 60 % من نفط العالم، وهذه الجغرافيا من شرايين النفط الممتدة على جسد الجزيرة العربية، لو لا ذلك لما التفت الغرب إلى الحالة اليمنية وتركها شأناً داخلياً يتقاتل باستمرار كأية دولة في وسط أفريقيا..!!.
تمثّل اليمن هاجساً أمنياً مزعجاً للغرب، حيث يراها أشبه بمخزن بارود، فهذا بلد بقدر ما فيه من التسامح والتعليم والمؤسسات المدنية وكرم الأخلاق والضيافة والتديُّن الوسطي؛ فيه أيضاً 60 مليون قطعة سلاح في أيدي المواطنين، و25 مليون مواطن نصفهم تحت خط الفقر، وأمّية تسيطر على أكثر من 60 % من السكان.
بمعنى آخر: كل حركة تمتلك المال والسلاح تستطيع استثمار هذه الظروف لصالحها وتشكّل نواة لتهديد الدولة اليمنية، أو تهديداً مباشراً لمصالح الغرب في اليمن، أي أن صراع الدولة مع تنظيم «القاعدة» أو مع الحركة الحوثية المتمرّدة هو صراع وجود وليس صراع حدود؛ فإما أن تكون الدولة حاضرة أو سيكون الحضور لهذه الكيانات المسلّحة.
مع فجر الخميس 8 مايو الجاري كان الجيش اليمني يمشّط مديرية عزان في محافظة شبوة آخر معاقل تنظيم «القاعدة» وشملت فرحة النصر مهرجاناً شعبياً حضره وزير الدفاع ومحافظ شبوة ورئيس جهاز الأمن القومي، فـ«القاعدة» رحلت بعناوين نظامها المختلفة من نيابات ومحاكم ومكاتب تسيير لشؤون الدولة.
وفرار عناصر «القاعدة» يثير المخاوف أكثر مما يستدعي الفرح؛ ذلك أن العناصر الجهادية هي مشاريع موت مؤجّل، ومستعدون للموت في أي مكان وتحت أي ظرف، وفي شبوة توزّعت المجاميع المتطرّفة بين القبائل، كون بعضهم من المنتمين إليها، وبعضهم اتجه شرقاً نحو حضرموت المحافظة التي تشكّل ثلث مساحة اليمن، وبعضهم ذهب إلى الشمال الشرقي نحو مأرب، المحافظة التي تنتج 45 % من نفط اليمن، و95 % من الغاز المسال، وكامل كهرباء العاصمة والمحافظات الشمالية.
وتزداد المخاوف مع معرفة أن للقاعدة حضوراً نسبياً في مأرب ذات الطبيعة القبلية البدوية المسلّحة، وأي تفكير من «القاعدة» بالهجوم على المنشآت الحيوية هناك سيُغرق البلاد في الظلام والفقر أيضاً، فتصريحات الحكومة في 2013م أن عمليات تفجير أنابيب النفط كلّفت الدولة ملياري دولار، ومليار دولار كُلفة إصلاح أبراج الكهرباء المضروبة في ذات المحافظة؛ غير أنه لم يكن بين أعضاء «القاعدة» واحد ممن ارتكبوا تلك جرائم، وكان الفاعلون مواطنين يريدون الضغط على الدولة للإفراج عن أقاربهم المسجونين في صنعاء بتهم جنائية.
وبعض أبناء مأرب احترفوا تجارة اختطاف الأجانب ورجال الأعمال، مستغلّين ضعف الدولة وتواطؤ وجاهات مأرب القبلية وسخاء المستجيبين لمطالبهم..!!.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها