الوطن هو الحقيقة الباقية..
كل شيء صار مشوه المعالم وفقدت المعاني معانيها الحقيقية وصارت الحرية والعدالة والمساواة شعارات يلجأ إليها كل من أراد بطولة زائفة على أنقاض شعب بائس متهالك وعلى ضريح وطن منكوب.
في ظل هكذا وضع مأزوم نتساءل يا ترى ما معنى الحرية والعدالة إن كنا كل يوم تحولنا الأطماع إلى أشباه بشر وكل هنيهة نشيع ما تبقى لنا من وطن يحتضر على أسنة الحراب والعقول المغشي عليها من الأوهام و الأحقاد.
فهل مازلنا أحرارا حقاً وهل باتت الحرية موجودة بعد أن صار لكل واحد جلباب ديكتاتوري يتدثر به ويتكىء عليه ويدور في فلكه وهجر مصلحة الوطن بصورة بشعة أخفت معالم كل حقيقة ما عدنا نرى لها إلا أدخنة وأدعياء يقولون ما لا يفعلون في واقع صارت العشوائية والمزاجية هي كل ما يحكمنا في ظل غياب القانون وغياب من يلتزمون به وساد منطق البطش والأراجيف المُغرضة والكيد الذي كاد أن يدمر كل فرص لانتشال الوطن من قعر السقوط الأخير.
الحقيقة المطلقة صارت آخر شيء نفكر فيه وسط هذا الكم الهائل من الغثاء والحقائق المُغيّبة ويخاف الكثيرون التطرق إليها واصبح المتزلفون ومن يجيدون الزيف والريا والسير على نعوش الإبراء صاروا يتصدرون واجهات التيه والشتات الذي يحاصر أرواحنا المُنهكة في وطن منكوب بكل من يدمرون الحياة فيه بقبح نفوسهم وخبث آمالهم.
عندما يكون القانون هو الشيء الوحيد الذي نحترمه فإن أباطيل وإخفاقات كثيرة سوف تنتهي من واقعنا الضحل هذا، إنما عندما يضرب البعض بها عرض العشوائية ولغة البطش والهنجمة فلا نتوقع أن تخرج بلادنا من العبث والهدم ولن تقوم لها قائمة أبداً ومهما حاولنا النجاة فإننا نكون كمن يرسم طلسماتنا على ماء كله حفر وأخاديد وطحالب وستزداد مآسينا وتتوسع مساحات الجرائم وتتسع رقعه الانحرافات والبطش وسنخرج أكثر من قائمة الإنسانية إلى مسخ إنسانية مشوهة جنودها البغض والدسائس والبطش الرجيم, وهذا ما هو حاصل اليوم للأسف وما استطعنا منه الفكاك.
فعجبي على واقع صار فيه الحق جريمة عظمى يعاقب عليها مرتادوها والصدق اصبح لعنة تحل بصاحبها من أصحاب النفوذ وعجبي من وطن صار فيه من يتقن النفث في العقد والنفاق يحمل على كفوف ويعتلي أول الصفوف ويتحكم بمصير وطن وشعب لم يرَ في حياته يوماً بصيراً.
ربما خطيئتنا الكبرى أننا كنا ومازلنا شعباً يسير على الفطرة الغبية والعاطفة البلهاء وهي سبب بلائنا وعشوائيتنا في كل أمور حياتنا وجعلتنا شعب يعيش بموته كل يوم ألف مرة ويحيا خارج أطر الزمن بمراحل نائية وجعلنا كل من أتقن العزف على وتر الوطنية الكاذبة والوطن الحلم يقودنا إلى المهالك كشعب ضرير
ورغم كل ذلك, ورغم أننا أصبحنا نرى الموت يمثل أمامنا كل يوم في وجوه بريئة تغادرنا وتغادر هذا الوطن لمجرد أنها وفية لأرض زرعت فيها الوطنية وحب البلد بينما حصدت موتا وتنكيلا, ورغم أن مشاهد الأجساد المبتورة والوجوه المذعورة ودوي الرصاص صار مألوفا لدينا ونحن نشهد نكباتنا تتلاحق بعدد عقارب الساعة الجاثمة على عقولنا وتعيقنا عن التفكير والحركة, إنما ورغم ذلك لا نريد أن نفقد الثقة ببلد عظيمة كوطننا الكبير الذي سينهض قوياً شامخاً رغم كل عثراته ومن يريدون له أن يبقى تحت جحيم مراهناتهم وتقيحات نفوسهم المريضة.. فالوطن هو الحقيقة الوحيدة والباقية بين كل هذه الأباطيل والمراهنات الزائفة.. وبالتأكيد سينجـــــــــــــو .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها