عودة العقل إلى دول الخليج..!!
مرة قال الملك الحسين للرئيس كلينتون: سأفعل كذا، وكذا، من أجل إحياء عملية السلام الميّتة، وكلينتون يستمع بإنصات في مكتبه البيضاوي، وأضاف الملك: وسأفعل كذا، وكذا.. وأنت سعادة الرئيس ما الذي يمكن أن تفعله..؟!.
فردّ كلينتون: أنا لست مثلك جلالة الملك، أنت تحكم الأردن بمفردك، وتتخذ القرار الذي ترغب فيه، أنا لدي مؤسسات دولة ومستشارون؛ ولا أستطيع اتخاذ قرار دون الرجوع إليهم..!!.
في تاريخ الدول التي يحضر فيها صوت القصر ويغيب صوت مؤسسات الدولة؛ تكون الشعوب هي الضحية، هنا في اليمن قرّر الرئيس السابق أن يتخذ ذلك الموقف الأحمق خلال احتلال الكويت وحرب الخليج؛ فقط لأنه مثقل بعقدة "الكاريزما" التي يراها في شخصية صدام، وتمّت مواجهته بقرار فردي آخر جاء من دول الخليج التي قرّرت إخراج العمالة اليمنية وتحميل شعب بأكمله تبعات موقف رئيسه.
في 5 مارس الماضي شهد مجلس التعاون الخليجي صدعاً استثنائياً تمثّل في سحب سفراء السعودية والبحرين والإمارات من قطر، ولم ير قادة الخليج أنه من الفداحة أن يقول الساسة كل ما عندهم أو يفعلون كل ما يريدون، فالسياسة تترك الأبواب مواربة دون إغلاق، والمواقف المتشنّجة لا تقود إلى فعل سوي؛ إنما تحدث أضراراً وتعمّق جراحات لن يحلّها مستقبلاً قرار سياسي آخر.
تبع قرار سحب السفراء حملة مشابهة لحملات متبادلة بين السعودية واليمن خلال أزمة الخليج؛ خرجت من قصور الساسة إلى نفوس الناس، ومنذ قرار سحب السفراء وهيجان الغضب يدوّي في جزيرة العرب، ومع مرور الوقت هدأت فورة الغضب، وتسلّل صوت العقل، حيث قال وزير الخارجية البحريني إن بلاده لا تعتبر الإخوان المسلمين جماعة إرهابية في الوقت الذي تتفهّم فيه دوافع الموقف السعودي، ومن الكويت أشاد وزير خارجيتها ببيان قطر الحريص على أمن واستقرار مصر، هذه هي السياسة التي لا تغلق أبوابها، السياسة ليست فجور أعراب.
السياسة الخارجية للدول لا تُبنى على الاعتبارات القطعية، فأمريكا لم تقطع علاقتها الدبلوماسية بروسيا وسوريا وكوبا وفنزويلا وكوريا الشمالية رغم الخلافات السياسية والأيديولوجية.
والسعودية كانت حكيمة حين لم تقطع علاقتها بإيران وسوريا طوال الفترة الماضية، لكن الحسابات والعواطف والرؤية القاصرة جعلت دول الخليج تدخل حرباً بالوكالة ضد الإخوان المسلمين؛ في وقت يجب التأكيد فيه أن الإخوان لم يكونوا حمائم سلام بقدر ما بهم من افتقار إلى التجربة السياسية، وإعجاب بالذات، وضيق بالآخر، وعاطفة يحملونها منذ سرية التنظيم، لذا كانوا عرضة للاختراق، وأحياناً بنيران صديقة منذ اغتيال رئيس الوزراء المصري النقراشي باشا في عهد حسن البنا، إلى فخ الحارس الشخصي لبن شملان، إلى تعيين الرئيس مرسي للسيسي وزيراً للدفاع بمؤهّلات أنه «يصلّي وزوجته منقّبة»..!!.
الخميس الماضي ظهر صوت العقل في بيان وزراء مجلس التعاون الخليجي الداعي إلى لم شمل الأسرة الخليجية وإعادة السفراء في أقرب وقت بعد موافقة قطر على توقيع اتفاقية الرياض التي لم يُعلن عن بنودها وبفضل جهود مضنية قادها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح.
[email protected]
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها