حقيقة لا يدركها زعماء العرب
كان أحد مقترحات الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور نهاية كلمته في قمة الكويت، أن يكون هناك تعاونا عربيا في مجال محاربة الإرهاب، هذا المقترح يعد بادرة جميلة كون الإرهاب غير مقبول عند الشعوب جميعها. وبما إن ديننا نحن - العرب - هو في الأصل دين سلام فأن من الواجب علينا أن نكون في مقدمة الصفوف التي تنادي بأن يكون السلام عنوانا لكل شعوب العالم وأن نعمل جاهدين علی نبذ الإرهاب والتطرف والحد منهما. لكن يجب أن ندرك تماما أن محاربة الإرهاب وحده لا يكفي في ظل جهلنا بماهية الأسباب التي تؤدي إلی إنتاج الإرهاب نفسه. فالإرهاب هو الآخر لديه أوجه متعددة ومختلفة، حتی أنه صار في الآونة الأخيرة يستخدم مفهومه في غير مواضعه الحقيقة كأن يكون مثلا مجرد تهمة باطلة يراد منها الانتقام من الآخر فقط. وللعلم أن دعوة الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور تأتي مع إصدار إحدی المحاكم المصرية حكما قضائيا بإعدام ما يقارب 530 مصريا من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو حكم لم تعرفه مصر في تاريخها الحديث، والملفت للنظر أنه صدر خلال جلسة واحدة فقط. إضافة إلی كونها دعوة جاءت بعد أن حظرت جماعة الإخوان المسلمون المصرية وأعلنت جماعة إرهابية في كلا من مصر والسعودية. لن أتطرق هنا في شرح الكيفية التي وصل فيها الأمر إلی هذا المستوی مع جماعة الإخوان في كلتا الدولتين، شخصيا أری في كل ذلك نوع من السمسرة السياسية. وكل ما يهمني هو أن أوضح للرئيس المؤقت عدلي منصور وبقية الزعماء العرب الذين لم يعلمون بعد أنهم يشكلون أحد الأسباب الرئيسية لوجود آفة الإرهاب علی محيطنا العربي، والسبب في ذلك هو أنهم زعماء عرب يحتكرون الحكم لسنوات طويلة ويحكمون مجتمعاتهم تحت أنظمة حكم شمولية استبدادية تمنع الحرايات العامة والحقوق المكفولة وتقمع الأصوات الرافضة للظلم والاستبداد، كما أنها أنظمة حكم تحتكر الثروات والوظائف وتعبث بخيرات الشعوب لمصلحتها وحدها. إضافة إلی كونها أنظمة تخلت عن الثوابت العربية بدءا من فلسطين المحتلة إلی الصومال الغارق بدماء أبنائه وختاما بالعراق أسير الهوية. كل ذلك قد شكل عدم قبول لدی الشعوب العربية مما أنتج منها شرائح رأت إن السلاح وحده الكفيل للتخلص من شر هذه الأنظمة العربية، وتطور الأمر بهذه الشرائح إلی أن أصبحت اليوم جماعات لها مسميات عدة تحمل فكرا واحدا هو فكر الإرهاب والتطرف، وصارت عبر خطابها الديني المؤثر في سيكلوجية الإنسان العربي تدعي استطاعتها أن تعيد للأمة العربية مجدها الضائع وللإنسان العربي كرامته المفقودة. وكان السبب الرئيس في تقوية مثل هذه الجمعات وزيادة تأثيرها علی المجتمع العربي هو فشل أنظمة الحكم العربية التي استشری الفساد كل مفاصل نظام منها فزاد الفقر بين الشعوب العربية واستمرت الأمية في تدمير العقل العربي كما قلة فرص العمل وتفشت ظاهرة البطالة، وكل ذلك يحدث أمام مرأی ومسمع الحكام العرب الذين لم يحركوا ساكن لمعالجة هذه الأمور الخطرة. واليوم يجتمع الزعماء العرب في قمة الكويت ويقترح أحدهم مقترحا دعا فيه إلی ضرورة وجود تعاون عربي في مجال مكافحة الإرهاب، لكنهم لا يعلمون أنهم أنفسهم يشكلون أحد أسباب الإرهاب الرئيسية.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها