جيشنا يا ذا الوهم !!
رجاءً وألف رجاء منكم لأن تكفوا الكلام عن جيش الشعب وحماة الوطن والسيادة والحدود وهكذا دواليك من عبارات المديح والثناء التي يطنب مسؤولينا واعلامنا استخدامها حيال قوة وترسانة حربية مكلفة ومنهكة جدا لبلد يزاحم دول الخليج تسلحا ويتذيل قائمة عشر دول افريقيا مجاعة .
علاوة ان هذه الترسانة لم تختبر تاريخا في أية معركة مشرفة لأجل الوطن والمواطن ، بل وعلى العكس فمعظم عتادها مازال فتاكا وساحقا ومهلكا لليمنيين وحتى يومنا هذا من حقبة الالفية الثالثة .
أعطوني معركة واحدة خاضها هذا الجيش دفاعا عن وطننا المستباح دوما وسأكون ممنونا لكم على هذه المعلومة الغالية . نعم جندرمة الامام يحيى حاربت شمالا وجنوبا وخسرت وفرطت بمساحة تضاهي دولا مستقلة ؛ لأنها لم تكن جيشا منظما وعقائديا ووطنيا ، بل كانت مجرد عكفة مسنودة بقبائل محاربة من أجل نصرة وتمكين امام متوكلي بدلا عن امام ادريسي .
لا اعلم ما نفع ما يردده الاعلام الرسمي لبائع الخضرة علي سويدان الذي لم يبق له عسكر الدولة شيئا من شقاء عمره كي يبيعه لزبائنه ؟ نعم ما جدوى الحديث عن جيش البلاد الذائد عن كرامة وأمن ومكاسب ودستور ووحدة وشرعية فيما المواطن العادي تنتهك حريته يوميا وتستباح مزارعه وبيوته وممتلكاته وبشكل فج وهمجي مقرف ؟ .
عار علينا ان لم نكتب ، وعار علينا ان نصمت ، وعار علينا ان لم نفعل شيئا إزاء هذا الوهم الذي نعيشه ونظن فيه ان لدينا بالفعل جيشا وقوة ومؤسسة مدربة وجاهزة لحماية الوطن والمواطن من اعدائهما الخارجيين المتربصين والطامعين .
اقول هذا الكلام دونما ضغينة او تحامل على احد ففي كل الاحوال منتسبو هذا الجيش هم يمنيون ومن قبائل ومناطق هذه البلاد ؛ لكني اشير هنا الى علة او قولوا لوثة مزمنة اصابة صميم هذا الجيش بعضال افقده وظيفته وواجبه واحترامه وكبريائه .
جنود يستبيحون مزرعة قات فلا يغادرونها إلا وهي كعصف مأكول ، في مكان أخر يقتحمون منزلا او محلا تجاريا أو بقالة عادية فيتركونها هباء منثورا . يوقفون سيارة سالكة طريقها فلا يذرونها تواصل سيرها سوى بعيد اهانة ركابها وبعيد سلبهم ما في جيوبهم وايديهم من مال وهواتف وسلاح شخصي .
تسأل وبدهشة وحيرة : هذا جيش دولة أم قراصنة وقطاع طرق ؟ هذا جيش مهمته حماية الوطن ومكاسبه ودولته وشعبه أم جيش ثلة قادة صعاليك وبلاطجة ولصوص وفاسدين وقتلة ؟ في احايين كثيرة اجدني غافلا حقيقة هذا الجيش المثقل لكاهل اليمنيين المنهكين بالإنفاق عليه من قوتهم وصحتهم وخبزهم .
فيما هذا الجيش هو عبارة عن اقطاعيات قبلية ومناطقية وجهوية نمت وترعرعت كطفيليات في مياه فاسده آسنة مغطاة بكثافة طحلبية استوطنت العيش والتكاثر في بيئة ملوثة كهذه المحيطة بجيشنا الهمام الغارق بفساد قادته حتى ارنبة أذنيه .
لا أذكر ان ضابطا او جنديا في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية استوقف مواطنا في طريق كي يسلبه او يخيفه ، لم اسمع قط بان مواطنا جنوبيا شكا من اقتحام قائد عسكري لمنزله او محله او عقاره او مزرعته ، لم ارى طوال حقبة عشتها وخدمت فيها في جيش تلكم الدولة ثمة فعلا قبيحا ومذموما ومخجلا يستوجب الاعتذار والغفران والندم اليوم .
صدقوني انني لم أعد استوعب المسألة ! فما أراه واسمعه يتنافى كليا مع وظيفة جيش كان مهنيا ومنضبطا ومشرفا ونحسبه جزءا منا نحن الفقراء البسطاء إلا من قلوبنا العامرة بمحبة وتوقير جيش ظل زمنا رمزا للوطنية والالهام والفخر .
أين ذهب ذلكم الجيش وأين اختفت ثقافته المبجلة للمدنية والتحضر والنزاهة والحرفية ؟ نعم لا أرى الآن شيئا من ذلكم الجيش الذي لا يتدخل مطلقا في حياة الناس اليومية ، كما ولا اعثر على فعل من تلكم الثقافة المدنية المتحضرة النزيهة التي ورثها جيش الدولة عن استعمار دام قرن وثلث .
فضلا عن كل ما سبق انني لا أرى جيشا جدير بزهونا وفخرنا وحتى كفاحنا المجترح لأجل الكرامة والمواطنة المتساوية والدولة العادلة المستقرة المزدهرة ؛ لذا لا تستغربوا مما يحصل جنوبا ؛ فكثيرا منها نتاج ثقافة مكتسبة ومتأصلة يراد طمرها بثقافة المكاربة السبئيين القائمة على الفيد والنهب والسلب والعنجهية والقتل والقهر واعتلاء الهضاب والتباب وووالخ .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها