ملاحظة فنية حول تقرير صحيفة الشارع "من داخل دولة الحوثي"

1. بصرف النظر عن اللغة الروائية الرفيعة للتقرير فهو لم يقل سوى جملة واحدة مركزية: لقد رأيت الكثير من المسلحين الحوثيين

2. نقل أحاديث المقاتلين الحوثيين بوصفهم شهود عيان!

3.أورد تناقضات وفوضى الخطاب الحوثي باعتبارها استنتاجات وشروح، دون أن يتدخل بإضافة تعليق عقلاني هو من حقوق القارئ. مثلا: بالقرب من مركز الحديث في كتاف يوجد معسكر للقاعدة يدعمه كل من: علي محسن والسعودية وأسامة بن لادن، يخرج تكفيرين يقتلون رجال الجيش ويدرسون في مركز

الحديث!

تسامح التقرير مع كل هذه الفوضى، وبطريقة ما صادق عليها.



4. حمل عنوان دولة الحوثي، وتحدث عن انتصارات الحوثي على "التكفيريين " لا على الدولة. وبدلاً عن أن يقول التقرير، كما يبشر عنوانه، إن الحوثي انشق عن الدولة ،فإن التقرير أفسح مساحة كبيرة ليتحدث عن خطورة انشقاق الرزامي عن عبدالملك الحوثي.



5. وقف التقرير على آثار دمار مركز الحديث وتحدث عن القوة النارية المدمرة للحوثي واكتفى بنقل كلام المقاتلين الحوثيين عن ضحاياهم بوصفهم "تكفيرييين" بطريقة أنتجت لقطة مشهدية مخيفة خلاصتها: قوة نارية عظيمة قضت على خطر التكفيريين، يا لها من قوة نبيلة.

6. نقل التقرير عن قيادي إعلامي في مكتب الحوثي، رافق الوفد الصحفي، تعزيز ادعاءاتهم بوجود تنظيم القاعدة في الأرجاء عبر إشارتهم إلى طريق إسفلتي طوله 30 كيلو، قال إن السعودية عبدته لتوفير الدعم السريع للقاعدة. بدلاً عن البحث عن بيانات الطريق، تاريخه، تمويله، الشركة المنفذة، فترة بنائه، إعلانات رافقت بنائه.. كما تفعل الصحافة الاستقصائية فإن التقرير اكتفى بالقول إن الطريق يبدو بالفعل بني لذلك الغرض.



7. باستثناء زيارة مركز الحديث فإن التقرير لم ير دولة الحوثي سوى من نافذة سيارة تعبر الطريق السريع.



8. في التقرير ينام الجنود المتواجدون في نقاط التفتيش حتى العاشرة صباحاً، ولا ينام الحوثيون سوى بنصف عين. يعتقد التقرير أن السبب يرجع إلى أن الجنود غير متحمسين لتلك المهام التي على شاكلة حراسة الدولة. رغم فداحة الفكرة هنا، إلا أن التقرير أضاف عليها وصفاً درامياً بطولياً للحوثيين، فهم مسلحون، منتبهون، متحمسون، ويلقون التحية باحترام، كما أنهم صغار السن. بطريقة ما جعل التقرير أولئك الجنود/ الجيش خزاناً استراتيجا وحائط صد للدفاع عن وتعزيز تنظيم القاعدة التي تشق الطرقات وتبني المعسكرات إلى الخلف منهم مباشرة، وفيما يبدو تحت حمايتهم.



9. رأى التقرير الطريق الأسفلتي فاكتشف دقة كلام الحوثي عن القاعدة.ورأى العتاد العسكري، وعتاد الشرطة، بما في ذلك السيارات الحديثة ذات "الونان الأزرق" لدى الحوثيين وترك القارئ في حيرة. هل هي السعودية مرة أخرى أم إيران؟ ولماذا؟



10. بذكاء شديد حاول التقرير القول إن الحوثيين متسقون مع خطابهم الثقافي، بما في ذلك جديتهم في محاربة أميركا. فقد اعترضوا سيارة الوفد الصحفي بسبب وجود حقوقية حاسرة الرأس اعتقدوا أنها من الصليب الأحمر. الاعتراض هنا حدث من قبل مسلحي الرزامي، الصورة الأكثر شراسة للحوثيين الأوائل.



11. في دولة الحوثي لم تحدث أي عملية قتل منذ ثلاثة أعوام، كما ينقل التقرير، متجاهلاً الإشارة إلى أمرين خطيرين: موجات القتل التي تزدهر على أطراف دولة الحوثي، أكثر من عمقها. ثم ظاهرة فريدة للحوثي: احتكار الجريمة. فلن يكون بمقدور أحد تنفيذ القتل والجريمة داخل دولة الحوثي سوى الحوثي نفسه، وستسمى عملياته إجراءات أمنية وقانونية.منظمة وثاق دونت، بالصورة والرسم البياني والمعلومة التفصيلية، 14 ألف جريمة في صعدة لوحدها في وقت قياسي، منها تفجير منزل أحد خصوم الحوثي بالديناميت على رؤوس 11 امرأة في الداخل.



ملحوظة: كاتب التقرير هو الصحفي المعروف نائف حسان، وهو صديقي، ولا علاقة لهذه الملاحظات الفنية بالصداقة.