المرجعية العليا
يحتاج الناس الى دولة تعبر عنهم تكون لها سلطة مختلفة عن السلطات التي تعبر عن ارادة القائد وقدرته وقام هو بتعريفها وفقا لما يريد
على ان وجود الدولة مرهون بوجود تعريف لها ولشكلها ونظامها يحض بنسبة تأييد كبير في المجتمع يصبح محل تسليم عام والحرص على انجاز هذا التعريف وتقديم التنازلات من اجله هو المؤشر الابرز على الرغبة بميلاد سلطة الدولة محل سلطات الامر الواقع والمفروض
بمعنى اننا بحاجة الى مرجعية عليا فوق كل المصالح الخاصة بكل طرف تكون قادرة على توفير هذا التعريف الموحد لنمضي للمستقبل ونحن ندرك ما نريد وهو ما توفره الحوارات الوطنية في المجتمعات التي تشهد عملية انتقالية.
بدون مرجعية عليا سوف نكون امام خيارين اما العودة لديكتاتورية تحتكر القرار العام في نطاق ضيق او ان نقبل بتبعثر هذا القرار الجمعي بصورة فوضوية على القوى الصغيرة في المجتمع التي ترى ان الدولة اصلا سببا في مصادرة سلطانها الخاص.
في المستقبل سوف تشهد اليمن نزاعات بين السلطات او بين سلطة الدولة التي يديرها القادة المنتخبون وبين سلطات الامر الواقع ممن يحوزون السلاح والمال سيكون القادة المنتخبون هم التعبير عن المرجعية المؤسسة وصوت ارادتها المتجددة مع كل انتخابات وهو ما سيقلص سلطات الامر الواقع وبدون هذه المرجعية العليا سوف يتجه الجميع الى توفير قوة عسكرية تؤمن سيطرته الخاصة .
تكمن اهمية المرجعية العليا في كونها توحد الشعب خلف القادة الذين يصلون الى السلطة وفقا للمبادئ الذي اقرتها ويديرون البلد في اتجاه تنميتها وهو ما يجعل القادة في غنى عن اللجوء للقوة العسكرية فالطاعة ووفق التعريف الوارد في وثيقة التحول السياسي قد صارت مرتبطة بالفكرة التي حازت القبول العام وليست بالقادة وان بدأ انهم من يقومون بفرضها فهم ليسوا أكثر من رسل الشعب الى الشعب.
المستقبل الذي نريده هو ذلك الذي لا يحتاج القادة للقوة العسكرية لأثبات شرعية حكمهم فالمرجعية العليا قد قامت بنقل الامر الحاسم في عملية التداول للسلطة من صوت البندقية الى صوت الاقتراع أي الى الشعب الذي بدونه لا يستطيع أحد ادعاء الشرعية في غيابة وحينها ستصبح القوة العسكرية سبب لنقض الشرعية وتهديد لها وبتراجع هذا الاله الحديدة عن مواقع حسم الصراع السياسي ستأخذ اليات الحسم الناعمة التي تنمي الحياة مع جولة من جولاتها مكانها .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها