مشروع جارالله جامع القلوب
يصادف السبت القادم 28 ديسمبر الذكرى الحادية عشرة لاغتيال الشهيد جارالله عمر الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي وأحد مهندسي تحالف اللقاء المشترك الجامع لأحزاب من مشارب مختلفة.
تأتي ذكرى هذا العام في ظل تغيرات وتحديات تشهدها البلاد يأمل اليمنيون أن تنقلهم إلى مرحلة جديدة مستقرة تؤسس لتجربة ديمقراطية وتداول سلمي للسلطة وتنمية تحقق العدل والإنصاف للمحرومين في الماضي.
التغيير الذي أحدثته الثورة الشعبية وكان للمشترك الذي ساهم الشهيد في تكوينه دور بارز في إنجاحها باعتباره الحامل للمشروع الوطني ولا يزال على عاتقه مسؤولية تحقيق أهداف الثورة وفي طليعتها تمكين الشعب من استعادة حقه في اختيار حكامه وتقرير مصير مستقبله.
لعل أهم ما يمكن التوقف عنده في هذه المناسبة هذا العام المحاولات القديمة الجديدة للأطراف المتضررة من تكوين المشترك وبقائه مشروعا موحدا والتي طالما دأبت على محاولات الوقيعة وشق الصف بين مكوناته منذ لحظات ميلاده الأولى.
هذه الأطراف تسعى لتحقيق رغبتها وربما الانتقام من المشترك على دوره في تحريك الشارع والمشاركة في الثورة وإسقاطها من الحكم وهو ما ترى فيه نجاحا للمشترك الذي راهن عليه جارالله وظنت أن اغتياله من الوجود كفيل بإنهاء تجربته ووأدها من صفحة المشهد السياسي.
وباستخدام نفس الأدوات والأساليب من التحريض واللجوء للأكاذيب والشائعات عبر وسائل الإعلام واستثمار أي خطأ أو تصريح لصالح توظيفه في إظهار خلافات خاصة بين الإصلاح والاشتراكي من أجل خلق جلبة وإثارة قضية لا وجود لها على النحو الذي تسعى له تلك الجهات.
لا تمر فترة إلا وتعود تلك الأبواق للتذكير بخلافات الاشتراكي والإصلاح قبل تحقيق الوحدة رغم تجاوز الحزبين لعقدين من الزمن تلك الخلافات العابرة والمرتبطة بظروف تاريخية معينة لم تعد موجودة اليوم.
ما يجري اليوم هو امتداد للماضي,وقد كان الهدف الأول والأخير لاغتيال الشهيد جارالله ليس تصفيته جسديا فقط, وإنما ضرب مشروعه الوطني وإفشاله من لحظة ميلاده من خلال محاولات إلصاق تهمة اغتياله لجهة شريكة في تحالفه لكن هذه المحاولات باءت بالفشل ولم يكتب لها النجاح ولن تنجح في المستقبل لوجود علاقة ثقة عميقة بين مكونات المشترك.
على المشترك الإرث الوطني الذي شارك جارالله في توريثه أن يواصل النضال لأجل تحقيق تلك الأهداف التي مثلت قواسم مشتركة بين مكوناته على اختلافها ولابد قبل هذا أن يعيد تقييم تجربته بما يستوعب دروس الماضي والاستفادة من أخطاء الماضي وإعادة رسم مساره برؤية واستراتيجية جديدة تتناسب والمرحلة القادمة.
إن تعزيز الثقة والصراحة هي أهم ما تحتاجه أحزاب المشترك لديمومة العلاقة فيما بينها على أن تكون ضمن مراجعات دورية بما يؤدي إلى تقوية التحالف وتماسكه ودفعه نحو الأمام لاستكمال مسيرته.
لا نريد من المشترك أن يتحول إلى تحالف صوري ومعيق لتحول ديمقراطي بحيث يظل يؤدي نفس الدور الذي أُسس من أجله وهو إسقاط النظام السابق والتوقف عند هذا كما لو لم يزل معارضا.
إن الدور الذي يضطلع به المشترك في المرحلة القادمة ينبغي أن يرتقي إلى حجم التحديات والمسؤولية وأن لا يخذل أنصاره أو المعولين عليه وعلى قياداته أن تعكف في نقاش عميق وموسع مع قواعدها لإعادة تحديد أولوياتها وبوصلة تحركها بما يؤدي إلى المساهمة في بناء الدولة الحديثة والمواطنة المتساوية.
كان يحلم جارالله بأن يرى بلده قويا مستقرا تنمويا وشعبه يعيش في مناخ من الحريات يسمح له بالتعبير عن حقه في الرأي والاختيار دون قمع أو مصادرة في آجواء يسودها التسامح والتعايش تحتكم للحوار لا للسلاح.
أهداف كثيرة تحققت مما كان يحلم به الراحل ولعل أبرزها إحداث التغيير الذي وضع اليمن على أعتاب مرحلة تحول ديمقراطي بدأ الشعب يمارس فيها بعضا من حقوقه في حرية التعبير والتجمع والمشاركة في صناعة المشهد بل وأصبح المؤثر بعد سنوات من التغييب والتهميش.
يسيء البعض ممن يقدمون أنفسهم كأتباع مخلصين لجارالله وهم يتنكرون لمبادئه القائمة على المساواة والعدالة والنظر لليمنيين بمنظار واحد لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بمدى احترامه للدستور والقانون,كما أن هؤلاء طالما وهم يقولون إنهم يسيرون على طريقة أن يكونوا متسامحين مدافعين عن المظلومين أينما كانوا لا أن يكونوا مناجم للأحقاد مدافعين عن مشاريع صغيرة مذهبية أو جغرافية.
ما أحوجنا لقيم الشهيد في هذه الأيام التي تحتاج لصوت الحكمة والعقل وإعلاء المصلحة الوطنية واحترام الحريات وحقوق الإنسان وطي صفحة الصراعات المسلحة والبدء بكتابة عهد جديد عنوانه بناء الدولة على قواعد ديمقراطية تضمن للشعب حقه في الاختيار وفي التنمية والتغيير متى أراد في أي وقت.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها