فقط ثورة مضادة
الكل يروج لانتصاراته في دماج وصعدة وكتاف وحاشد.. هذه الحرب لن ينتصر فيها أحد ، وهي لا تستهدف السلفيين أو الحوثيين او القبائل... هناك من يريد إفشال التحول الديمقراطي.. يريدون فقط إرهاق الدولة ، بل افشالها ، واسقاطها ، ليحكموها فيما بعد بقانون مكافحة الارهاب، كما العراق ، أو على الأقل بالمحاصصة الطائفية والسياسية كما لبنان، او بالطوارئ والعسكر كما في مصر ، أو بالأزمات والحروب كما في أفغانستان والصومال.
في جنوب الوطن فقط تحضر العاطفة الانفصالية كما حضرت عاطفة الوحدة من قبل، وهناك فقط نبحث عن العقل الواعي الذي يقرأ الأحداث دون أن يغفل التأريخ ، وعينه على المستقبل.
ليس هناك من يحب الجنوب أكثر من ابناء هذا الجزء الغالي من الوطن، وكل الحلول التي توضع الآن خارج السياق العام للإجماع الشعبي الجنوبي هو مجرد بيع وشراء بالجنوب... يا اخوانا في الجنوب تحاوروا مع من يخالفكم من الجنوبيين حتى ولو هم قلة.. كفاية ارهاق للشعب والتأريخ ، احترموا فقط حق أجيالكم في المستقبل.
هناك في أبين وحضرموت كما في صعدة من يعتقد أنه ينصر الله بقتل اليمنيين ، لكن شيئا غير ذلك يحصل.. إنه الاستمتاع بالقتل نيابة عن أعداء هذا الوطن .
الذي يحصل الآن هو إرث ألف عام من حكم الأئمة والاستعمار والاحتلال ، وانتهى المطاف بثلاثة عقود من حكم الفرد أو الحزب الواحد.. لم يبنوا دولة ، وأيضا دمروا ارث تأريخي من حضور الدولة التي أشار إليها القرآن في قصة ملكة سبأ.
حتى النظام الاجتماعي القبلي الذي كان يشعر اليمني في ظله بالأمان نوعا ما، تعرض ويتعرض للإفساد والاستنساخ ، ليحول مشائخ القبائل إلى عصابات ضمن اطار العصابات التي حكمتنا وحكمت أجدادنا.
بعد عامين فقط من بدء مرحلة التغيير تعود هذه العصابات لتقول لنا أن الرئيس عبد ربه منصور هادي فشل في ادارة اليمن، وكأنهم في عامين لم يقوموا باي تمرد على النظام الجديد.
هم يبشرون بثورة ضد هادي بذات الوسائل ، بل بذات الشباب والشعب والتأريخ .. الذكرى السنوية لثورة فبراير 2011م.
نسوا أو تناسوا أن الفرق كبير بين تمردهم وتمرد الشباب على النظام السابق، فتمرد الشباب كان بطريقة سلمية حضارية جعلت من 2011م العام الأقل ارتكابا للجرائم والثارات، ولولا الحروب التي اختلقها نظام صالح، ولا زال ، لكان عام السلام اليمني.
أما نتائج تمردهم على الرئيس هادي كانت جرائم قتل واغتيالات لم نشهدها من قبل ، بل لأول مرة في تأريخ اليمن، نشهد مسلسل انقلابي من عدة فصول ، ولا زال الحبل على الجرار .
الثورة المضادة ليست حل ، ولن تفلح ، ولن يستطيع أحد القضاء على ارادة اليمنيين في التغيير من خلال اسقاط ثورتهم إلا إذا تم القضاء على الوسائل التي مهدت لهذه الثورة ، وهي تلك القادمة من ثورة التكنولوجيا والاتصال.. أما القيام بالمهمة بذات الوسائل فسيتطلب شفافية ومصداقية لا تملكها أنظمة فردية طائفية عسكرية مستبدة، وخير دليل مراوحة الثورة المضادة مكانها في مصر.
واليمن غير مصر، واي استمرار لعرقلة الانتقال السياسي السلمي للسلطة لإفشال التحول الديمقراطي الذي يشرف عليه المجتمع الدولي نتيجته واحدة فقط هو انزلاق اليمن إلى حرب أهلية.
إذن ليس لليمنيين فرصة في الحياة الكريمة إذا لم تقم دولة ليس على خارطة المحاصصة ولا الأغلبية، بل على دين الحوار والاتفاق الذي آمن به اليمنيون بمختلف مناطقهم ومذاهبهم وأحزابهم.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها