وفي حجة .. ثوّار محتجزون بقضايا كيدية
يومان على نشر مقالي السابق الذي حمل عنوان: مجرمون وسجناء «حسب الطلب» وإذا بي أتلقّى اتصالاً من المعتقل في السجن المركزي إبراهيم الحمادي أحسست خلاله دموعي التي كادت أن تتساقط وهو يحدّثني عن والديه اللذين كانا يبكيان فيما والده يقرأ له مقالي عبر التلفون من قريته في تعز.
تضاعف لديّ حجم معاناة المعتقل ابراهيم وزملائه القابعين ظلماً وعدواناً في السجن المركزي بصنعاء, ووجدت نفسي مضطراً للبحث عن معلومات وافية حول المعتقلين على ذمة الثورة الشبابية السلمية وتزامن ذلك مع أخبار عن تحرّك شبابي بشأن المعتقل في مركزي تعز, ماهر المقطري, ولم يكن في بالي إنه لا يزال في تعز سجيناً من شباب الثورة.
المأساة كانت فيما يتعلّق أيضاً بشباب الثورة المعتقلين بصورة تعسفية في مركزي حجة وعددهم 19 شاباً على ذمة قضية لفّقتها لهم أجهزة الأمن بتواطؤ من النيابة العامة في حجة, واطلعت على ملف يتعلّق بالقضية من أولها إلى الحال الذي وصلت إليه اليوم, إلى حد أن يتم تعيين مدير للسجن من القبيلة التي ينتمي إليها الضابط القتيل الذي لفّقت إليهم تهمة قتله.
يتعرّض شباب الثورة في حجة إلى انتهاكات متعددة ابتداءً من الاعتداء على مسيرتهم السلمية حينها وقتل الطفل عبدالحميد الحزيف (12 عاماً) ومروراً بالاجراءات التي طالتهم من قبل أجهزة الضبط القضائي بصورة باطلة والتي كانت منحازة ضدهم بل وخصم بفجاجة شديدة وانتهاءً بالاجراءات القضائية المستمرة حتى الآن, بما فيها مكان الاحتجاز الذي يفتقدون فيه إلى أبسط الحقوق الإنسانية والأمان أيضاً.
يقف النائب العام، الدكتور علي الأعوش في هذه القضية موقفاً سلبياً يدفعنا للربط بين هوية من أصدر قرار تعيينه في منصبه وأدائه في هذه القضية وقضايا أخرى, فلا هو وفّر أبسط معايير المحاكمة العادلة للشباب المعتقلين في قضية الضابط القتيل من قبل مسلّحين اعترضوا المسيرة السلمية ولا هو وجّه نيابة حجة للسير في إجراءات التحقيق والمحاكمة لقتلة الطفل الذي قُتل في المسيرة, ولا هو الذي أنهى احتجازهم الظالم ونزع فتيل المشكلة المستمرة منذ عامين.
يسرد التقرير الذي حصلت عليه بشأن سجناء حجة أنواعاً من الانتهاكات التي طالتهم ولازالت منذ أواخر أبريل 2011م ويحاكمون بتهمة تشكيل عصابة مسلّحة فيما هم كانوا في مسيرة سلمية وكانوا ضحايا لإجرام عصابة مسلّحة اعترضت طريقهم على ذمة خروجهم السلمي مؤيدين للثورة الشبابية السلمية.
حينما تقرأ التقرير تجد فيه العجائب، مما يجعلك تقول بصوت عالٍ: ما بُني على باطل فهو باطل, وعلى سبيل المثال: استجوابات ليلية مطوّلة من قبل النيابة والأجهزة الأمنية, والتحقيق داخل زنازين البحث الجنائي وليس في مقرات النيابة كما يقول القانون, إكراه المعتقلين وإجبارهم تحت وطأة التعذيب على توقيع محاضر تحقيق معدّة سلفاً, ورفض النيابة الاستماع الى دفاعاتهم وإثباتها في محاضر تحقيقاتها.
لم يسلم المعتقلون ومحاموهم وأولياء أمورهم من التهديدات المتنوعة, بل وتم نصب خيمة لأولياء دم القتيل المفترضين حول السجن المركزي بحجة ومحاصرته ومنع وصول الطعام والزيارات إليهم, وفوق ذلك تم تعيين مدير جديد لمدير السجن المركزي بحجة من ذات القبيلة التي ينتمي إليها الضابط القتيل المتهمين بقتله.
يتحدّث الدكتور محمد المخلافي، وزير الشئون القانونية عن الحصانة التي مُنحت فقط للرئيس السابق وتشمل ماقبل 25 يناير 2012م, ويتساءل عن قانون العدالة الانتقالية الذي يفترض أن يكون المعادل الموضوعي لتلك الحصانة, لكنه وجميع من تصدّروا للتسوية السياسية المرتكزة على المبادرة الخليجية يعجزون عن توصيف حالة شباب الثورة المعتقلين على ذمة قضايا كيدية وقعت خلال شهور الثورة كإبراهيم وزملائه وماهر المقطري وشباب حجة.
علينا أن نعيد نبش السجون المركزية وسجون المخابرات وغيرها للتنقيب عن المظلومين والسجناء على ذمة قضايا ملفّقة كحال هؤلاء الذين عرفنا بقضاياهم فسنجد كثيرين استُهدفوا لأسباب سياسية ولأسباب تتعلّق بالتنافس التجاري أو النزاع على الأراضي ولفقت لهم قضايا جنائية.
الحرية لإبراهيم وزملائه وماهر وشباب حجة, الحرية لليمن وأبنائها جميعاً.
صحيفة الجمهورية
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها