إبراهيم وولاء..قصة حب ووفاء.. تناستها ضمائر الأحرار!!
أنا لســـت ضـــد التـــضـــامــن مع هدى وعرفات، هذا ما يجب أن يفهمه أولاً كل من سيقرأ مقالي هذا..
ولكني أتمنى لــو أن هناك من تذكر أخونا إبراهيم وزوجتــه الرائـعة التي عــانت كل المرارات، وهي تنتظره خارج السجن مثلما عانى هو كل صنوف العذاب في داخله.. ولاء وإبراهيم أعظم قصة حب ووفاء رأيتها لزوجين يمنيين.. ولاء التي تَعد الأيام للقاء زوجها والتي خدعوها ذات يوم أنه سيأتي من غيابه بعد لحظات.. فانتظرته في بلكونة بيتهما بكل شوق، تعد الثواني والساعات، ولم يأتِ، لتصاب بخيبة أمل كادت أن تقضي على حياتها.. ولاء التي خرجت ذات ليلة في وقت متأخر تحمل طفلتها المريضة غزل لتبحث عن طبيب دون أن تجد معيناً لها.. طفلتها التي لم تتعرف على والدها إلا وهو خلف القضبان يدفع فاتورة ثورة بأكملها، شاركه الدفع فيها شهداؤها وجرحاها.
الدكتورة ولاء أيها الإخوة الرائعون هي زوجة المعتقل البريء إبراهيم الحمادي، فهل تعرفونها أم أن هدى التي قالت بوجوهكم يا أهل اليمن قد استطاعت أن تبعث كلمتها هذه فيكم الحماسة والنخوة والشهامة فقط، بينما ظلت ولاء بكبريائها الجميل صامتة لم تنطق بحرف إلا عندما فاض بها الكيل من كثر ما تلقت من وعود كاذبة لإطلاق سراح زوجها البريء دون أدنى شك من تهمة تفجير جامع الرئاسة والذي يساوم به المخلوع لعلمه بمكانته الكبيرة عند رفاقه الثوار فعاقبهم به وعاقب أكثر به ثورتنا التي أصيبت بحالة كساح..
وعندما نطقت ولاء لم تقل بوجوهكم يا أهل اليمن ربما لأنها تعرف أكثر مِن هدى أن البعض منا بألف وجه وبعضنا بلا وجه أصلًا.
عندما نطقت ولاء سبق ألمها وحرقتها الكلمات، وقد أوجزت وأخجلتنا، وهي تلومنا كثوار خذلوا رفيقهم البريء كما خذلوه من نسميهم قادتنا في المشترك قبل أن يتآمر عليه المخلوع وزبانيته..
وعني أنا فهذه هي المرة الثانية التي أشعر فيها بالخجل الشديد من ولاء، والمرة الأولى كانت عند اعتصامنا أنا وعدد من الثوار في باحة السجن المركزي من أجل إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء من شباب الثورة، وكان المعتقلون يومها، ومنهم إبراهيم، قد قضوا بعض الأيام في إضراب عن الطعام.. كان الوقت يومها قد اقترب من المغرب، وقد أخبرت صديقتي نسرين الهويدي أنني أشعر بقليل من الإنهاك خاصة أنني لم أتناول أي طعام منذ اليوم السابق، فكيف بحال المعتقلين في الداخل دون طعام؟
لأفاجأ أن ولاء - زوجة المعتقل إبراهيم - قد سمعت حديثي لنسرين، وجاءت لي بالكيس الذي كانت تحمل به بعض العصائر وأشياء أخرى لإبراهيم، وقد أصرّت أن أتناول ما في الكيس لكني رفضت، وأنا أقول: "خليه لزوجك"، وهي تقول لي: "لا خذيه أنتي فإبراهيم يرفض تناول أي شيء.. لكني أصريت على رفضي ولم آخذ شيئاً.. ساعتها شعرت بخجل شديد من هذه المرأة العظيمة التي تفوقت علينا نضالاً وتضحيات دون أن يلتفت لدورها أحد..!!
يقولون إن هناك قافلة تضامن ستأتي - ويا للعجب - من تعز إلى صنعاء من أجل هدى وعرفات اللذين كان باعثهما الحب فقط.
ونحن استكثرنا مسيرة في صنعاء وحسب من أجل الزوجين إبراهيم وولاء اللذين كانا باعثهما الوطن..!!
أحاول أن أقنع نفسي هذه الفترة بأسباب جرعة الرومانسية الزائدة التي طرت على الكثيرين من الناشطين ومشتركي فيسبوك وتويتر ومن عامة الناس، وهم يتضامنون بقوة مع قصة هدى وعرفات، وهل - فعلًا - هي جرعة رومانسية أم جرعة حنق وغضب من الجارة الشقيقة التي رحلت مئات الآلاف من أبناء اليمن من أراضيها في الوقت الذي كان من المفترض بها أن تتعاون مع حكومتنا وتتحملهم ولو لفترة مؤقتة حتى تجتاز اليمن ما تعانيه - حاليًّا - من أزمة اقتصادية وأمنية حرجة.
قلبي على الفتاة السعودية التي قالت بوجوهكم يا أهل اليمن، وأخاف أن نخذلها كما خذلنا قبلها كثيرين.. شهداء وجرحى.. وأطفال يُقتلون في الجنوب كان أخرهم الطفل صدّيق الذي قتلته أيادي جنودنا البواسل قبل بضعة أيام دون أن أصادف منشور تنديد إلا لقلة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة من الناشطين.
لا أتمنى أن يُفهم مقالي هذا أنني ضد مشاعر الحب الراقية، ولو أنني لا أستسيغ حبًّا لا ينتهي بالزواج دون رضا أهل العروسين، وخاصة رضا أهل الفتاة، فبحسب الشرع لا نكاح إلا بولي..
صحيح أن هناك حالات يجوز فيها الزواج من غير ولي لتعنته أو غيابه، وبما أن حالة هدى كانت منها فنعذرها ونقف معها..
لكنني لا أستطيع فهم كل هذه الحملة والمسيرات التي ما شهدنا تشجيعًا ودعمًا للخروج بها.. لا لجرحى غدرت بهم - دون عمد - ثورة آمنوا بها.. ولا لأسر شهداء لا يستطيع أبناؤهم إيجاد قوت يومهم أو تكاليف الدخول للمدرسة ناهيك عن أن يستطيعوا أنْ يعشقوا ويفروا بمن يحبون بعيدًا إلى أرض الأحلام المسماة اليمن..
ثم هل فكّر أحد المتضامنين مع هدى وعرفات أنّ هناك انعكاسات سلبية قد تنشئ من مثل هكذا حملة حتى على صعيد ترحيل المغتربين؟..
ما الذي يُراد إيصاله لفتياتنا المراهقات من كل هذه الحملة دون أن يعي البعض بسبب جرعة الرومانسية الزائدة هذه الأيام - الله يسامح المسلسلات التركية بس - هل نقول لبناتنا إذا أحببتِ شخصًا ولم نوافق عليه - نحن الأهل - فما عليك إلا الفرار معه..؟!!
هل وضع كل المشجعين أنفسهم في مكان والد ووالدة هدى - رغم ما قيل أنهما تعاملا مع عرفات بعنصرية.. هل صارت رومانسيتنا أقوى من عاداتنا، ولن نقول أقوى من ديننا باعتبار أن حالة هدى ربما استدعت هروبها..
هل تناسينا كم من عرفات خرج ذليلًا الآن من السعودية، وكم من أخت لنا خرجت من هناك مع عائلتها ذليلة منكسرة دون أن يتضامن معها أحد..!!
وكم من امرأة يمنية تعرضت للاغتصاب والذل في السعودية دون أن يتضامن معها أحد..!!
وكم من يمنية زُوِّجت زواجًا سياحيًّا لسعوديين رموهن بعد أيام في غياهب النسيان دون أن يعترض أحد أو تخرج مسيرة؛ تنديدا بالاعتداء على حرماتنا وكرامة المرأة اليمنية.. بل ساهم المجتمع في اليمن بظلمها أكثر كونها مطلقة أو معلّقة.. مع أن كثيرات منهن زُوّجن رغم إرادتهن..
أعرف امرأة يمنية حرة طُلّقت من زوجها السعودي بسبب عائلته، وبمنتهى الظلم ودون رضا منها أو من زوجها السعودي نفسه.. لكنها صمتت ولم تلجأ للإعلام أو أي مكان تشكو له، وحرمت بطريقة ظالمة حتى من حقها في الحصول على الجنسية السعودية رغم أهليتها لذلك
نعم.. لا تتركوا هدى تعود لأهلها.. من باب أن الحل الأمثل - الآن - هو تزويجها بعرفات، وأن حالتها قد يجوز فيها التمرد على ولي الأمر..
كما ليس من حق أحد محاكمة هدى، وخاصة بسبب دخولها اليمن بصورة غير شرعية، وإلا لحاكمنا نحو مليون، أو مليون ونصف صومالي جاءوا كجيش جرار، وبعدهم أثيوبيون دون أن يحاسَب أحدهم، بل ويعاملون عندنا أفضل من اليمنيين بدعم مفوضية اللاجئين طبعًا، وليس حكومتنا الرشيدة..
كذلك فإن القضية أخذت بعدًا سياسيًّا، ومن العار على اليمنيين أن يسلموا من لجأت إليهم خوفًا من غضب السعودية أو خضوعًا لها..
لكن رجاء أيها المفسبكون الأحرار والناشطون الرومانسيون.. تذكّروا أن هناك أطفالًا يُقتلون في الجنوب، وشباب - أيضًا - في عمر الورود دون أن يعترض أحد.. تذكّروا جرحانا الذين لم يُنصفوا بعد، وتذكّروا أولاد الشهداء، ونسائهم.. تذكروا شعيب اليعجري وعبدالله العامري، وكل أهالي المعتقلين، وزوجة المعتقل إبراهيم الحمادي وطفلته.. تذكروا أم الثائر المعتقل ماهر المقطري التي فطرت دموعها كل قلب عاشق للحق والعدل.. لو كنتم تضامنتم مع إبراهيم ورفاقه مثلما تتضامنون اليوم مع عرفات وهدى..
لو كنتم ذهبتم تعتصمون معنا في السجن المركزي كما ذهبتم اليوم بهذا العدد الكبير للمحكمة التي تحاكم - ظلمًا - هدى وعرفات.. لكان ماهر قد عاد لحضن أمه الحنونة، ولَكان إبراهيم قد عاد إلى حضن زوجته وابنته غزل من زماااان، ولَكنت صدّقت عندها أن ثورتنا لم تأكل أبناءها، وأننا - فعلَا - شعب رومانسي تأخذه الشهامة، وتأتي به دون أن يضطر أحد ليسألنا: "بوجوهكم يا أهل اليمن"..!
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها