إيران التي نعرف..!
من محاضرة كتبتها قبل اسابيع عن الحركة الحوثية:
إذا كانت أمريكا هي الشيطان الأكبر – كما وصفها الخميني - فلماذا سهلت لها إيران الدخول إلى العراق وإسقاط النظام القومي العربي هناك؟. ألم يكن الشيطان الأصغر (صدام) أهون من الشيطان الأكبر؟. ألم يكن من الأولى أن تتعاون مع الشيطان الأصغر ضد الشيطان الأكبر؟!. لماذا تعاون شيعة العراق - أو معظمهم - مع دولة الاحتلال؟. هل يختلف الأسد عن صدام في شيء؟. هل يختلف بعث سوريا عن بعث العراق في شيء؟!.
بل إن المقارنة هنا لصالح صدام بلا نزاع، لأنه - على الأقل - قد شكل تهديدا حقيقيا للمشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة. ولا يستطيع أحد أن يزايد في ذلك، لأن الصواريخ الأمريكية - في هذا السياق - أصدق أنباء من التحليلات السياسية. فحيثما اتجه الصاروخ الأمريكي فثم عدو أمريكا الحقيقي!.
إذن فإن حكاية الموت لأمريكا والعزة لفلسطين ليست مقنعة تماماً، ما دام أن أمريكا نفسها غير منزعجة من هذا الشعار، وما دام أن الثمار النهائية للشعار هي الخمس لبني هاشم والإمامة لآل البيت!.. ولا يحاول أحد إقناعي - بحذلقات التحليل السياسي – أن الأمر جد لا هزل، وأن جماعة مران يشكلون تهديدا ما على الامبراطورية الأمريكية، لأن ما يقنعني فعلا هو سلوك الخصم نفسه. سلوك الخصم الأمريكي هو الذي سيقنعني بأن هذه الجماعة أو هذا النظام يشكل تهديدا له، كما أقنعني سلوكه مع القاعدة..!.
وحقيقة أن إيران سهلت دخول الشيطان الأكبر إلى العراق ليست من بنات أفكاري، ولا من شطحات التحليل السياسي، بل هي اعترافات رجال السياسة الإيرانية أنفسهم، والاعتراف سيد الأدلة كما يقولون. فقد أعلن محمد على أبطحي، نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية - في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مساء الثلاثاء 15/1/2004م - أن بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان والعراق. وأكَّد أنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة.
كما نقلت جريدة الشرق الأوسط في 9/2/2002عن رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، في خطبته بجامعة طهران قوله: إنّ القوات الإيرانية قاتلت طالبان، وساهمت في دحرها، وأنّه لو لم تُساعد قوّاتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني. وتابع قائلاً: يجب على أمريكا أن تعلم أنّه لولا الجيش الإيراني الشعبيّ ما استطاعت أمريكا أنْ تُسْقط طالبان.
وليس في هذا إنكار لحالة الخصومة القائمة بين النظام الإيراني وتوابعه من ناحية، وبين أمريكا وحلفائها من ناحية أخرى، وإنما هو إنكار للأساس الأخلاقي في الصراع الذي يدعيه المعسكر الإيراني، فالصراع صراع مصالح بين دول وأنظمة، لا صراع قيم كما يزعم المعسكر الأول. وإلا فلتجبنا إيران وتوابعها على الأسئلة السابقة بحجة مقنعة، وإلا فليخبرونا – أيضاً - لماذا يقفون بقوة وعنف إلى جانب نظام سياسي أجمع الجن والإنس على كونه نظاما قمعياً مستبدا فاسداً هو نظام الأسد السوري؟.. هل هو من أجل فلسطين فعلا؟. وهل يمكن استعادة الحق الفلسطيني المغتصب بشعوب مغتصبة من قبل حكامها؟!.. هل هذه هي معركة الحق التي تقودها إيران وتوابعها ضد الباطل؟!.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها