مجتمع الشائعات
أي مجتمع يتأثر بالشائعات والأكاذيب تكون عملية التحول والتغيير فيه بطيئة جدا بدليل أن من يجيد هذه الحرفة يستطيع أن يرمي المجتمع في ورطة كأن يسلبه شيء أو يمنعه من أمتلاك شيء ما.
فالانظمة الاستبدادية هي أبرع من أجاد هذه الحرفة واتقنها، ومن خلال الشائعات استطاعت أن ترمي المجتمعات في ورطات عديدة وتمنكت من التأثير على الرأي العام خلال العقود الماضية وحالت دون تمكن قوى التغيير من تحقيق أي تقدم، وبنفس الأسلوب وربما ابشع منه تمارس نفس الدور تجاه ثورات الشعوب، فمن خلال هذه الحرفة تعمل جاهدة على منع الشعوب من امتلاك أدوات التغيير الحقيقية وقطع الطريق أمام انجاز أهداف الثورات كاملة.
الشائعات ماتزال تلعب دور سلبي وكبير في حياة مجتمعات العالم الثالث نظرا للتخلف الفكري والمعرفي والثقافي، ومن خلال هذا النوع من الدعاية الكاذبة تبنى قرارات، وتصدر أحكام ،وتتخذ خطوات، وهذا يدل على أن هذه المجتمعات لم تبلغ بعد مستوى النضج في تحليل الأشياء وتقييمها ودراستها وتفحصها..هي فقط تشاهد وتتأثر ..أو تسمع وتنقل..دون أن تتعمق وتدرس وتحلل بهدوء وتروي.
والمعروف أن المستبدين يجندون جيوش جرارة للقيام بهذه المهمة القذرة نقل(الشائعات) وبثها بين الناس حينما يقرر المستبد الايقاع بخصومه أو التهيئة لأمر ما أو غيرها من الالاعيب والفذلكات.
وفي معظم الأحيان ينساق حتى دعاة التغيير وربما قوى الثورات خلف هذه الأساليب المدمرة دون علم أو بفعل الفهم القاصر فيجدون أنفسهم يهدمون صروحهم أو يؤثرون سلبا على عناصرهم أو قياداتهم ويقدمون بذلك خدمة للمستبد إذ يكون هو المستفيد الأول من هدم أدوات التغيير أو التأثير سلبا على حضورها وفاعليتها المجتمعية والسياسية.
على قوى التغيير ودعاته أن تفيق من غفلتها وسباتها وأن تتعامل بصورة ايجابية مع مفكريها وطاقاتها المنتجة وقياداتها الثورية والسياسية وعدم الانجرار خلف ما خطط ويخطط له المستبد في القضاء على هذه الطاقات وتحطيمها وعزلها اجتماعيا وسياسيا وبالتالي القضاء على مستقبلها وحلمها وحلم الشعوب وأملها المنتظر في التغيير والتحول.
علينا ان ننتبه لمثل هذه الممارسات إذا كنا فعلا ننشد مستقبلا جميلا وسعيدا بإذن الله.
ويقع على هؤلاء المبدعيين التحلي بالصبر والحكمة والتمسك بالله في التعامل مع المحن والرزايا فليسوا وحدهم من ابتلاهم الله فالانبياء والعلماء والصالحيين والقادة والفاتحين وأصحاب الفضل والخير كان لهم نصيبا من هذه الابتلاءات بل كانت أشد وطأة على بعضهم فصبروا فكان الله معهم"إن الله مع الصابرين".