محافظ عدن "وحيد" في مواجهة أكثر من خصم
حين تولى المهندس وحيد رشيد مسئولية محافظة عدن لم يكن خافيا عليه صعوبة الأوضاع التي كانت تعيشها المحافظة من انفلات أمني و تدهور في الخدمات و تردي في الأداء العام لكافة أجهزة الدولة بعد ما يزيد عن سنة من حدوث ما يشبه السقوط للدولة في غالبية مديريات و أحياء عدن،
و حين قرر الوكيل السابق لمحافظة عدن خوض التجربة باعتباره أصبح محافظا كان يدرك أن ثمة معوقات تقف في طريقه الذي لم يكن سالكا كما كان كذلك لأسلافه في قيادة المحافظة قبل اندلاع الثورة، و بدأ يمارس صلاحياته في أجواء لم تكن طبيعية مع أنه حاول جاهدا تهدئة الوضع مع أكثر من جهة و شرع في لقاءات المواطنين على مستوى المديريات و المراكز كما التقى بممثلي المنظمات و النقابات و مختلف الشرائح للاطلاع على همومهم و مشاكلهم، و حين كان يستهل إدارته لسلطة المحافظة كانت أكثر من جهة و أكثر من جبهة قد أعدت خطوات التصعيد الرامية لإفشال كل مساعيه في تطبيع الأوضاع و العمل على تحسين الخدمات الأساسية، و أعلنت ضده الحرب الشرسة التي تعددت أوجهها بتعدد أطرافها و اختلاف نوايا القائمين عليها، و هم في الغالب تشكيلة غير متجانسة في الآراء و المواقف لكن الإصرار على إفشال المحافظ الجديد كان هو الجامع الوحيد الذي استقطب كل تلك الأشكال و الألوان من القوى و التيارات التي رأت في نجاح المحافظ رشيد نجاحا للحزب المحسوب عليه و قوى الثورة التي جاءت به على رأس محافظة حيوية، و بالتالي فقد تصدت بقايا النظام المخلوع بقوة و بما تبقى لديها من نفوذ و سلطة و مال لهذه المهمة التي تهدف لإبقاء عدن خارج الوضع الطبيعي حتى يحلو لها ابتزاز القيادة السياسية و الحكومة الجديدة و ممارسة الضغوط عليها و التلويح بسقوط المحافظة كلما بدا مؤشر القضاء النهائي على فلول النظام،
و بدا واضحا جليا أن ثمة حلفاء جدد سارعت دوائر النظام المخلوع لاسترضائهم و الدفع بهم في مواجهة المحافظ، و لم يبخلوا برد الجميل لتلك البقايا حين تناسوا كل قضاياهم و راحوا يشنون الحرب الضروس على السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ و التشكيك في كل ما يقوم به و شن الحملات الدعائية و الإعلامية و استخدام حرب الشائعات التي تفننت أطراف الثورة المضادة و قواها المختلفة في صياغة مفرداتها و اختيار خططها التي ما تتوقف لحظة إلا لتشتعل من جديد،
يدرك المحافظ رشيد جيدا أن حكومة الوفاق تواجه جملة من التحديات و لن تكون محافظة عدن شاذة عن هذه التحديات لكنها ربما تتضاعف نظرا لخصوصية عدن و لوضعها الاستثنائي، و في كل ما يقوم به يحاول قدر الممكن تبديد النظرة المأخوذة عنه كونه محسوبا على الإصلاح لصالح كونه غدا محافظا في حكومة توافق و لفترة انتقالية بيد أن خصوم الثورة و الإصلاح و المشترك لا يريدون أن يروا فيه إلا عنصرا إصلاحيا و يجب إفشاله بكل ما أوتوا من قدرة على التخريب و البلبلة و إثارة المشاكل، و هم في حربهم هذه لن يعدموا الاتهامات التي يسهل إلصاقها بالمحافظ و حزبه "الإصلاح" الذي يسعى حسب زعمهم للسيطرة على عدن بدعم علي محسن و حميد الأحمر و سبأفون!،
و المتابع لمجريات الأحداث في عدن و الكيفية التي يتم بها تناول تلك الأحداث يلاحظ كيف توافقت أطراف ما كان لها أن تتفق لو لم يكن النيل من الإصلاح و المحافظ المحسوب عليه هو ما جعلها تبدو فريق عمل واحد يتلقى التوجيهات من ذات المكان الذي يضخ الأموال لدعمها و تمويل ما يلزم في المواجهة التي تعتقد تلك الأطراف أنها بالنسبة لها مسألة وجود، بمعنى أنه في حال استتبت الأوضاع و عادت لشكلها الطبيعي لن يبق لتجار الأزمات و طابور الفتنة سوى العويل و الصياح،
و إذا كان البعض يرى في تدهور صحة عبد الكريم شايف مؤشر تهاوي للنظام المخلوع الذي كان ينظر لشايف بوصفه "الطفل المدلل"، فإن آخرين يتساءلون عن الجهة التي تقف وراء رياض السقاف عضو محلي المحافظة الذي بدا مؤخرا أنه يتطلع للقيام بدور "شايف" أو ما هو أكثر منه إثارة للجدل.