الحوار بين الانتظار والاحتضار
بدأ الحوار اليمني في أجواء كانت مفعمة بالأماني والأحلام فظن البعض أن ساعة الفرج قد حانت وأنها قاب قوسين أو أدنى من الحضور فيرغم أن هناك من لم يفرط في التفاؤل وإن كان مطلوبا تحت المقولة المشهورة تفاءلوا بالخير تجدوه لكنه لسان حالهم أخذ يردد ما قاله كعب بن زهير عن معشوقته الغادرة:
ولا يغرنك ما منت وما وعدت **إن الأماني والأحلام تضليل
مبررين ذلك بأن الكثير الغالب من أعضاء الحوار لا تؤهلهم قدراتهم العملية والعلمية ولا يمتلكون حيز الحياد والاستقلالية في الموقف لخوض هذا المعترك السياسي الذي تتوقف عليه حياة أمة ومستقبل وطن فاختيار هم لم يخضع لمعايير المصلحة الوطنية العلياء لهذا البلد المعطاء، لكنه تناوس مع المصالح الحزبية والمناطقية والقبلية وهي أكثر المكونات الفاعلة في المشهد السياسي ..
حينها وجهت إليهم الانتقادات كون البلاء موكل بالمنطق دون أن يلتمس لهم العذر فيما ذهبوا إليهوكنت أميل إلى ما ذهبوا إليه، ولست حينها ولا حتى اللحظة متشائما لكن مصلحة البلد ومواطنيه هي عندي من المقدسات التي لا تخضع لمعيار الانتماء الحزبي أو المناطقي أو غير ذلك من موروثات العصبية النتنة..
وها هو ا الحوار اليوم يتعثر بل يكاد يحتضر و يلفظ أنفاسه الأخيرة وأعضاؤه يراوحون بين المصالح الشخصية والأهواء السياسية دون أي اعتبار للثوابت الوطنية ودون الالتفات إلى أن هناك ملايين من الناس في محيط هذا البلد قد شرعت أمعاؤهم الخاوية تدق ناقوس الخطر..
والسؤال الذي يفرض نفسه ماذا لو فشل الحوار- لاقدر الله - وتبين لنا ولعامة الناس أن المخرج لم يعد باستطاعته تحديد دور الممثلين على مسرح الحوار لوجود القوى الإقليمية والدولية الفاعلة بالمال والوجاهة السيادية في بلد تخضع كثير من مدنه وقراه لسلطة الشيخ الذي يديرها بعقليته القبلية والسيادية التي تعلو دور السلطةالتي لايزال الفساد يدك أركانها. قد يظن البعض أنني لست متفائلا لدون أن يدرك أن قراءة اللحظة الزمنية التي تمر بها البلد لا تحتاج إلى المزيد من التزلف والنفاق السياسي وهو ما أوصل البلد إلى حافة الانهيار أو ما يسمى في القاموس السياسي بالدولة الفاشلة.
نحن نريد لما تبقى من عمر الحوار أن يحمل إلينا يوما جديدا من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل يصنعه اليمانيون بأيديهم وهذا لن يتأتى إلا إذا عادت الروح الوطنية واستيقضت الضمائر الحية من سباتها العميق ..اليمن اليوم تنتظر الشرفاء من أبنائها المتجردين من الولاءات الضيقة والمصالح الآنية أي كان نوعها وصفتها وللمدركين لخطورة المرحلة وصعوبتها وأن التاريخ ينتظر هذه اللحظة ليسجل في صفحاته عنوان الانتظار المنشود أو لحظة الاحتضار الذي لا يعقبه إلا موت الآمال والأحلام التي طالما انتظرها اليمانيون لتغيير حالهم التعيس ولكنها لم تحن تلك اللحظة المنشودة حتى الآن.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها