وثيقة العهد و الاتفاق وضياع الفرصة التاريخية لبناء الدولة
في بادرة رائعة وخطوة متقدمة أحسن فيها الإخوة الأعزاء في صحيفة الجمهورية عندما بادروا إلى إعادة نشر وثيقة العهد والاتفاق التي توافق عليها اليمنيون في 1994 م قبيل اندلاع حرب صيف 94 التي لا تزال آثارها في قلوب اليمنيين حتى اليوم...
لقد سمعت عن هذه الوثيقة كثيراً لكني لم أقرأها أو اطلع على مضامينها لأنها صدرت وأنا لازلت طالباً في الثانوية العامة وأعيش في قرية نائية ، لكني عندما اطلعت عليها يوم السبت الماضي في صحيفة الجمهورية شعرت بالأسى والحزن وقلت في نفسي: كم نحن اليمنيين تعساء لقد أضعنا من بين أيدينا فرصه تاريخية لبناء دولة حديثة بعيدة عن هيمنة الفرد وسلطان العائلة لو تمسكنا بهذه الوثيقة وعملنا جميعا على تنفيذها وتطبيق بنودها ..
لقد تضمنت الوثيقة معايير الدولة المدنية التي ننشدها اليوم ونسعى من اجل تحقيقها، و أبرز ما جاء فيها الحكم المحلي كامل الصلاحية أو ما يسمى بالفدرالية من خلال تقسيم الجمهورية من 4إلى7 وحدات إدارية تسمى المخاليف يقوم الحكم المحلي فيها على قاعدة الانتخابات المباشرة ومبدأ المشاركة التبعية , وإعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة على أسس وطنية بعيدة عن كل المؤثرات والانتماءات الأسرية والمناطقية والسلالية والمذهبية و تحديد الفترة التي يقضيها القادة في الوظائف القيادية وتشكيل هيئة وطنية من الكفاءات الوطنية للإشراف على الإعلام الرسمي تحل محل وزارة الإعلام ضمانا لخدمتها لصالح المجتمع بعيدا عن التحيز لأي طرف سياسي ، إضافة إلى استقلالية السلطة القضائية وانتخابات بالقائمة النسبية وغيرها من المعاير التي كانت كفيلة بجعل اليمن نموذجا لدولة ديمقراطية على مستوى المنطقة ..
أحسست و انأ أقرأ الوثيقة أن حرب صيف 94 ما قامت إلا من اجل وأد هذا الوثيقة والقضاء على مضامينها حتى لا ترى النور , واكبر دليل على ذلك انه بعد انتهاء الحرب وانتصار احد الأطراف المتمثل بما كان يسمى آنذاك بالشرعية تم إغفال هذا الوثيقة ونسيانها وكأنها لم تكن بل وصل الأمر إلى أن الحديث عنها جريمة ..
كان يفترض من الطرف المنتصر لو كان محباً للوطن ويسعى لخيره وتقدمه العودة بعد انتهاء الحرب إلى العمل من اجل تطبيق بنود هذا الوثيقة التي اجمع عليها اليمنيون لكن للأسف الشديد عمل على طمسها تماما وتغييب مضامينها ، والذي يثير الدهشة والاستغراب هو وكيف سكتت القوى السياسية ؟ لاسيما التي كان لها قوة في الشارع تستطيع الثأئير؟ كيف أضاعت فرصة تاريخية مثل هذه كانت كفيلة بتغيير حياة اليمنيين نحو الأفضل؟.
لقد دفعنا ثمن ذلك غاليا ومازلنا ندفع بسبب هيمنة الحكم العائلي الذي تفرد بالسلطة بعد حرب صيف 94 وحول البلاد إلى ملكية خاصة له ، نهب الثروة وصادر الحقوق وهمش الكفاءات طوال أكثر من 15 عاما بسبب غياب الرؤية الحقيقية لبناء الدولة الحديثة التي كانت سوف توفرها هذه الوثيقة في حالة إذا كان اليمنيون حافظوا عليها وعملوا جميعا على تنفيذها واعتقد أن ما تضمنته هذه الوثيقة هو نفس المطالب التي انطلقت من اجلها الثورة الشعبية التي لا يزال شعاعها مستمراً حتى اليوم ...
أتمنى من القوة السياسية الثوار في الساحات العودة إلى الوثيقة للاستفادة من مضامينها والعمل على أن تكون أرضية للحوار القادم، أيضا البحث عن الأسباب الحقيقية وراء فشل هذا الوثيقة وسبب تغييبها ومن الأطراف الحقيقة وراء ذلك ؟.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها